للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا ظاهِرَ اللَّفْظِ ولا غيرَ ظاهرِه، رُجِعَ إلى سبَبِ اليمينِ وما هَيَّجَها، أي أثارَها، فإذا حَلَفَ، لا يَأْوي مع امْرَأتِه في هذه الدَّارِ. وكان سبَبُ يمينِه غَيظًا مِن جِهَةِ الدَّارِ؛ لضَرَرٍ لَحِقَه مِن جِيرَانِها، أو (١) مِنَّةٍ حصَلَتْ عليه بها ونحو ذلك، اخْتَصَّتْ يمِينُه بها؛ هو مُقْتَضَى اللَّفْظِ. وإنْ كان لغَيظٍ مِنَ المرْأةِ يقْتَضِي جَفاءَها، ولا أثَرَ للدَّارِ فيه، تعَدَّى ذلك إلى كلِّ دارٍ (٢)؛ المَحْلُوفِ عليها بالنَّصِّ، وما عداها بعِلةِ الجَفاءِ التي اقْتَضَاها السَّبَبُ. وكذلك إذا حَلَفَ لا يَدْخُلُ بَلَدًا لظُلْمٍ رَآه فيه، ولا يُكَلِّمُ زَيدًا لشُرْبِه الخَمْرَ، فزال الظُّلْمُ وترَكَ زَيدٌ شُرْبَ الخَمْرِ، جازَ له الدُّخولُ والكلامُ؛ لزَوالِ العِلَّةِ المُقْتَضِيَةِ لليَمِينِ. وكلامُ الخِرَقِيِّ يشْمَلُ ما إذا كان اللَّفْظُ خاصًّا والسَّبَبُ يقْتَضِي التَّعْمِيمَ، كما مثلْناه أوَّلًا، أو كان اللَّفْظُ عامًّا والسَّبَبُ يقْتَضِي التَّخْصِيصَ، كما مثَّلْناه ثانِيًا. ولا نِزاعَ بينَ الأصحابِ، فيما عَلِمْتُ، في الرُّجوعِ إلى السَّبَبِ المُقْتَضِي للتَّعْميمِ، واخْتُلِفَ في عِكْسِه، فقيل: فيه وَجْهان. وقيل: رِوايَتان. وبالجُمْلَةِ، فيه قَوْلان أو ثَلاثَةٌ؛ أحدُها -وهو المَعْروفُ عنِ القاضي في «التَّعْليقِ» وفي غيرِه، واخْتِيارُ عامَّةِ أصحابِه، الشَّرِيفِ، وأبي الخَطَّابِ في «خِلافَيهما» - يؤْخَذُ بعُمومِ اللَّفْظِ. وهو مُقْتَضَى نصِّ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، وذكَرَه. والقولُ الثَّاني -وهو ظاهرُ كلام الخِرَقِيِّ، واخْتِيارُ أبي محمدٍ، وحُكِيَ عنِ القاضي في مَوْضِع- يُحْمَلُ اللَّفْظُ العامُّ


(١) في الأصل: «و».
(٢) في الأصل: «من».