للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وليسَ لمَنِ انْتَسَبَ إلى مذهبِ إمام في مسْألَةٍ ذاتِ قوْلَين أو وَجْهَين أنْ يتَخَيَّرَ، فَيَعْمَلَ أو يُفتِيَ بأيِّهما شاءَ، بل إنْ عَلِمَ تارِيخَ القَوْلَين، عَمِلَ بالمُتَأَخِّرِ إنْ صرَّح برُجُوعِه عن الأوَّلِ، وكذا إنْ أطْلَقَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ فيهما. وقيل (١): يجوزُ العَمَلُ بأحَدِهما إذا ترَجَّحَ أنَّه مذَهبٌ لقائِلِهما. وقال في «آدابِ المُفْتِي»: إذا وَجَدَ مَن ليسَ أهْلًا للتَّخْريجِ والتَّرْجيحِ بالدَّليلِ، اخْتِلافًا بينَ أئمَّةِ المذاهبِ، في الأصحِّ مِن القَوْلَينِ أو الوَجْهَين، فيَنْبَغِي أنْ يرْجِعَ في التَّرْجيحِ إلى صِفَاتِهم المُوجِبَةِ لزِيادَةِ الثِّقَةِ بآرَائِهم، فيَعْمَلَ بقَوْلِ الأكثرِ، والأعْلَمِ، والأوْرَعِ، فإنِ اخْتُصَّ أحدُهما بصِفَةٍ منها، والآخَرُ بصِفَةٍ أُخْرَى، قدَّم الذي هو أحْرَى منهما بالصَّوابِ، فالأعْلَمُ الوَرِعُ (٢)، مُقَدَّئم على الأوْرَعِ العالِمِ. وكذلك إذا وَجَد قوْلَين أو وَجْهَين. لم يَبْلُغْه عن أحدٍ مِن أئمَّتِه بَيانُ الأصحِّ منهما، اعْتَبَرَ أوْصافَ [ناقِلِيهما وقابِلِيهما] (٣)، ويُرَجِّحُ ما وافَقَ منهما أئمَّةَ أكثرِ المذاهبِ المَتْبُوعَةِ، أو أكثر العُلَماءِ. انتهى. قلتُ: وفيما قاله نظر. وتقدَّم في آخِرِ الخُطْبَةِ تحْريرُ ذلك. وإذا اعْتَدَلَ عندَه قوْلان -وقُلْنا: يجوزُ- أفْتَى بأَيِّهما شاءَ. قاله القاضي في «الكِفايةِ»، وابنُ حَمْدانَ، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهم. كما يجوزُ للمُفْتِي أنْ يعْمَلَ بأيِّ القَوْلَين شاءَ. وقيلَ: يُخَيَّرُ المُسْتَفْتِي، وإلَّا تعَيَّنَ الأحْوَطُ. ويَلْزَمُ المُفْتِيَ تَكْرِيرُ النَّظرَ عندَ تكَرُّرِ (٤) الواقِعَةِ مُطْلَقًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به القاضي، وابنُ عَقِيلٍ، وقال: وإلَّا كان مُقَلِّدًا لنَفْسِه؛


(١) في ط، ا: «هل».
(٢) في الأصل، ا: «الأورع».
(٣) في الأصل: «ناقلهما وقابلهما».
(٤) في ط: «تكرار».