للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُخْبِرًا (١)، لا مُفْتِيًا. ويُقَلِّدُ العامي مَن عرَفَه عالِمًا عدْلًا، أو رَآه مُنْتَصِبًا مُعَظَّمًا، ولا يُقَلِّدُ مَن عَرَفَه جاهِلًا عندَ العُلَماءِ. قال المُصَنفُ في «الرَّوْضَةِ» وغيرِها: يكْفِيه قولُ عدْلٍ. ومُرادُه خَبِيرٌ. واعْتَبَرَ بعْضُ الأصحابِ الاسْتِفاضَةَ بكَوْنِه عالِمًا، لا مُجَرَّدَ اعْتِزائِه إلى العِلْمِ ولو بمَنْصِبِ تَدْرِيس. قلتُ: وهو الصّوابُ. وقال ابنُ عَقِيل: يجِبُ سُؤالُ أهْلِ الثقَةِ والخَيرِ. قال الطُّوفِيُّ في «مخْتَصَرِه»: يُقَلِّدُ مَن عَلِمَه أو ظَنَّه أهْلًا بطرَيق ما اتِّفاقًا، فإنْ جَهِلَ عدالتَه، ففي جَوازِ تقْلِيدِه وَجْهان. وأطْلَقهما في «الفُروعِ»؛ أحدُهما، عدَمُ الجوازِ. وهو الصَّحيحُ مِن المذهبِ. نَصَرَه المُصَنِّفُ في «الرَّوْضَةِ». وقدَّمه ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»، والطُّوفِيُّ في «مُخْتَصَرِه»، وغيرُهما. والثَّاني، الجوازُ. قدَّمه في «آدابِ المُفْتِي». وتقدَّم: هل تصِحُّ فُتْيا فاسِقٍ أو مَسْتُورِ الحال، أمْ لا؟ ويُقَلِّدُ مَيِّتًا. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وهو كالإجماعِ في هذه الأعْصارِ. وقيل: لا يُقَلَّدُ مَيِّتٌ. وهو ضعيفٌ. واخْتارَه في «التَّمْهِيدِ»، في أن عُثْمانَ، رَضِيَ اللهُ عنه، لم يُشْتَرَطْ عليه (٢) تقْلِيدُ أبي بَكْر وعمرَ، رَضِيَ اللهُ عنهما؛ لمَوْتِهما. ويَنْبَغِي للمُسْتَفْتِي أنْ يحْفَظَ الأدبَ مع المُفْتِي ويُجِلَّه، فلا يقولُ أو يفْعَلُ ما جرَتْ عادَةُ العَوام به؛ كإيماء بيَدِه في وَجْهِه، أو: ما مذهَبُ إمامِكَ في كذا؛ أو: ما تحْفَظُ في كذا؛ أو: أفْتاني غيرُك -أو فلانٌ- بكذا أو كذا. قلتُ أنا: أو: وَقِّعْ لي. أو: إنْ كانَ جوابُك مُوافِقًا فاكْتُبْ. لكِنْ إنْ عَلِمَ غرَضَ السَّائلِ في شيء، لم يَجُزْ أنْ يكْتُبَ بغيرِه، أو يسْألهُ [في حالِ] (٣) ضَجَر، أو هَمٍّ، أو قِيامِه،


(١) في الأصل، ط: «مميزا». وانظر الفروع ٦/ ٤٢٨.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في الأصل: «بحال».