للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَخُصَّ العامِّي (١) عالِمًا مُعَيَّنًا يُقَلِّدُه، سِيَّما إنْ قُلْنا: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصيبٌ. فعلى هذا، هل له أنْ يسْتَفْتِيَ على أيِّ مذهَبٍ شاءَ، أم يَلْزَمُه أنْ يبْحَثَ حتى يعْلَمَ -عِلْمَ مِثْلِه- أسَدَّ المَذاهبِ، وأصَحَّها أصْلًا؟ فيه مَذهبان. والثَّاني، يَلْزَمُه (٢) ذلك، وهو جارٍ في كل مَن لم يبلُغ درَجَةَ الاجْتِهادِ مِنَ الفُقَهاءِ وأرْبابِ سائرِ العُلومِ. فعلى هذا الوَجْهِ، يَلْزَمُه أنْ يَجْتَهِدَ في اخْتِيارِ مذهَبٍ يُقَلدُه على التَّعْيِينِ، وهذا أوْلَى بإلْحاقِ الاجْتِهادِ فيه على العامي ممَّا سَبَقَ في الاسْتِفْتاءِ. انتهى. ولا يجوزُ للعامِّي تَتَبُّعُ الرُّخَصِ. ذكَرَه ابنُ عَبْدِ البَر إجْماعًا. ويَفْسُقُ عندَ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وغيرِه. وحَمَلَه القاضي على مُتَأوِّلٍ أو مقَلِّدٍ. قال ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه»: وفيه نظر. قال: وذكَر بعْضُ أصحابِنا في فِسْقِ مَن أخَذَ بالرُّخَصِ رِوايتَين، وإنْ قَوِيَ دَليلٌ أو كان عاميًّا، فلا. كذا قال. انتهى. وإذا اسْتَفْتَى واحِدًا أخَذ بقَوْلِه. ذكَرَه ابنُ البَنَّا وغيرُه. وقدَّمه ابنُ مُفْلِح في «أصُولِه». وقال: والأشْهَرُ، يَلْزَمُه (٣) بالْتِزامِه. وقيل: وبظَنِّه حقا. وقيل: وبعَمَل (٤) به. وقيل: يَلْزَمُه إنْ ظنَّه حقا. وإنْ لم يجِدْ مُفْتِيًا آخَرَ، لَزِمَه، كما لو حكَمَ به حاكِم. وقال بعْضهم: لا يَلْزَمُه مُطْلَقًا إلَّا مع عدَمِ غيرِه. ولو سألَ مُفْتِيَين، واخْتَلفا عليه، تَخَيَّرَ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. اخْتارَه القاضي، وأبو الخَطَّابِ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. قال أبو الخَطَّابِ: هو ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله. وذكَر (٥) ابنُ البَنَّا وَجْهًا، أنَّه يأخُذُ بقَوْلِ الأرْجَحِ. واخْتارَه بعْضُ الأصحابِ. وقدَّم في «الرَّوْضَةِ»، أنه


(١) في الأصل: «الأمي»، وفي ا: «الأمي العامي».
(٢) في الأصل: «يلزم».
(٣) في ط، ا: «يلزم».
(٤) في الأصل: «نعمل»، وفي ط: «يعمل».
(٥) في الأصل: «ذكره».