للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اللهُ، في «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ». وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: مع عِلْمِ مُدَّعٍ وحدَه بالمُدَّعَى به، لهم ردُّها، وإذا لم يَحْلِفْ لم يأْخُذْ، كالدَّعْوَى على وَرَثَةِ مَيِّتٍ حقًّا عليه يَتَعَلَّقُ بتَرِكَتِه. وإنْ كان المُدَّعَى عليه هو العالِمَ بالمُدَّعَى به دُونَ المُدَّعِي، مثْلَ أنْ يدَّعِيَ الوَرَثَةُ أو الوَصِيُّ على غريمٍ للمَيِّتِ، فيُنْكِرَ، فلا يحلِفُ المُدَّعِي. قال: وأمَّا إنْ كان المُدَّعِي يدَّعِي العِلْمَ، والمُنْكِرُ يدَّعِي العِلْمَ، فهُنا يتَوَجَّهُ القَوْلان. يعْنِي الرِّوايتَين.

فائدتان؛ إحْداهما، إذا رُدَّتِ اليَمِينُ على المُدَّعِي، فهل تكونُ يَمِينُه كالبَيِّنَةِ، أمْ كإقْرارِ المُدَّعَى عليه؟ فيه قوْلان. قال ابنُ القَيِّمِ في «الطُّرُقِ الحُكْمِيَّةِ»: أَظْهَرُهما عندَ أصحابِنا، أنَّها كإقْرارٍ. فعلَى هذا، لو أقامَ المُدَّعَى عليه بَيِّنَةً بالأَداءِ أو الإِبْراءِ بعدَ حَلِفِ المُدَّعِي، فإنْ قيلَ: يَمِينُه كالبَيِّنَةِ. سُمِعَتْ للمُدَّعَى عليه. وإنْ قيلَ: هي كالإِقْرارِ. لم يُسْمَعْ؛ لكَوْنِه مُكَذِّبًا للبَيِّنَةِ بالإِقْرارِ.

الثَّانيةُ، إذا قَضَى بالنُّكولِ، فهل يكونُ كالإِقْرارِ، أو (١) كالبَذْلِ؟ فيه وَجْهان. قال أبو بَكْرٍ في «الجامِعِ»: النُّكُولُ إقْرارٌ. وقاله في «التَّرْغيبِ» في القَسامَةِ، على ما يأْتِي. ويَنْبَنِي عليهما ما إذا ادَّعَى نِكاحَ امْرَأَةٍ، واسْتَحْلَفْناها، فنَكَلَتْ (٢)، فهل يُقْضَى عليها بالنُّكول، وتُجعَلُ زوْجَتَه؟ إذا قُلْنا: هو إقْرارٌ. حُكِمَ عليها بذلك، وإنْ قُلْنا: بَذْلٌ. لم يُحْكَمْ بذلك؛ لأنَّ الزَّوْجِيَّةَ لا تُسْتَباحُ بالبَذْلِ. وكذلك لو ادَّعَى رِقَّ مَجْهولِ النَّسَبِ، وقُلْنا: يُسْتَحْلَفُ. فنَكَلَ عنِ اليَمِينِ. وكذلك لو ادَّعَى قَذْفَه، واسْتَحْلَفْناه، فنَكَلَ، فهل يُحَدُّ للقَذْفِ؟ يَنْبَنِي على


(١) في الأصل: «و».
(٢) سقط من: الأصل.