للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تَسْليمِه مِن مُوَلِّيه، فإنْ أبَى، حَلَفَ المُدَّعِي وأخَذَه، إنْ جُعِلَ النُّكُولُ مع يَمِين المُدَّعِي كَبَينةٍ، لا كإقْرارِ خَصْمِه، على ما تقدَّم. وقال في «التَّرْغيبِ»: لا خِلافَ بينَنا، أنَّ ما لا يُمْكِنُ ردُّها يُقْضَى بنُكُولِه؛ بأنْ يكونَ صاحِبُ الدَّعْوى غيرَ مُعَيَّن، كالفُقَراءِ، أو يكونَ الإِمامَ، بأن يدَّعِيَ لبَيتِ المالِ دَينًا، ونحوَ ذلك. وقال في «الرِّعايةِ»، في صُورَةِ الحاكِمِ: يُحْبَسُ حتى يُقِر أو يحْلِفَ. وقيل: يُحْكَمُ عليه. وقيل: أو يحْلِفُ الحاكِمُ. وقال في «الانْتِصارِ»: نَزَّلَ أصحابُنا نُكولَه منْزِلَةً بينَ مَنْزِلَتَين، فقالوا: لا يُقْضَى به في قَوَدٍ وحد. وحَكَمُوا به في حق مَرِيض، وعَبْدٍ وصَبِي مأذُونٍ لهما. وقال في «التَّرْغيبِ» في القسامَةِ: مَن قُضِيَ عليه بنُكُولِه بالديةِ، ففي مالِه؛ لأنَّه كإقْرارٍ. وفيها قال أبو بَكْر في «الجامِعِ»: لأنَّ النُّكولَ إقْرار. واخْتارَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، أنَّ المُدَّعِيَ يحْلِفُ (١) ابْتِداءً مع اللَّوْثِ، وأنَّ الدَّعْوَى في التُّهْمَةِ كبسَرِقَةٍ، يُعاقَبُ المُدَّعَى عليه الفاجِرُ، وأنَّه لا يجوزُ إطْلاقُه، ويُحْبَسُ المَسْتُورُ، ليَبِينَ أمْرُه ولو ثلاثًا، على وَجْهَين. نقَل حَنْبَل، حتى يبينَ أمْرُه. ونصَّ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، ومُحَقِّقُو أصحابِه على حَبْسِه. وقال: إن تَحْلِيفَ كل مُدَّعًى عليه، وإرْساله مَجَّانًا، ليسَ مذهبَ الإمامِ. واحْتَجَّ في مَبهانٍ آخَرَ بأنَّ قَوْمًا اتَّهَمُوا ناسًا في سَرِقَةٍ، فَرَفَعُوهم إلى النُّعْمانِ بنِ بَشِير، رَضِيَ اللهُ عنهما، فحَبَسَهم أيامًا، ثم أطْلَقهم، فقالوا له: خَلَّيتَ سَبيلَهم بغيرِ ضَرْبٍ لي لا امْتِحانٍ؟ فقال: إنْ شِئْتُم ضَرَبْتُهم، فإنْ ظَهَرَ مالُكم، وإلا ضَرَبْتُكُم مِثْلَه. فقالوا: هذا حُكْمُكَ؟ فقال: حُكْمُ الله ورسُولِه (٢). قال في


(١) بعده في الأصل: «عليه بحلف».
(٢) أخرجه أبو داود، في: باب في الامتحان بالضرب، من كتاب الحدود. سنن أبي داود ٢/ ٤٤٨. والنسائي، في: باب امتحان السارقة بالضرب والحبس، من كتاب قطع السارق. المجتبى ٨/ ٥٩.