للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إذا سكَت تُرِكَ مع إمْكانِ صِدْقِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولا بُدَّ مِن هذا القَيْدِ. وقيل: المُدَّعِى هو الطَّالِبُ، والمُنْكِرُ هو المَطْلوبُ. وقيل: المُدَّعِى مَن يدَّعِى أمْرًا باطِنًا خَفِيًّا، والمُنْكِرُ مَن يدَّعِى أمْرًا ظاهِرًا جَلِيًّا. ذكَرَها فى «الرِّعايةِ»، وذكَر أقْوالًا أُخَرَ، وأكْثَرُها يعُودُ إلى الأَوَّلِ. ومِن فَوائدِ الخِلافِ، لو قال الزَّوْجُ: أسْلَمْنا معًا. فالنِّكاحُ باقٍ. وادَّعَتِ الزَّوْجَةُ أنَّها أسْلَمَتْ قبلَه، فلا نِكاحَ.

فالمُدَّعِى هى الزَّوْجَةُ. على المذهبِ. وعلى القولِ الثَّاني، المُدَّعِى هو الزَّوْجُ.

تنبيه: قال بعْضُهم: الحَدُّ الأوَّلُ فيه نظَرٌ؛ لأنَّ كُلَّ ساكِتٍ لا يُطالِبُ بشئٍ فإنَّه مَتْروك»، وهذا أعَمُّ مِن أنْ يكونَ مُدَّعِيًا أو مُدَّعًى عليه، فيُتْرَكُ مع قِيامِ الدَّعْوَى، فتَعْرِيفُه بالسُّكوتِ وعَدَمِه ليس بشئٍ، والأَوْلَى أنْ يُقالَ: المُدَّعِى مَن يُطالِبُ غيرَه بحَقٍّ يذْكُرُ اسْتِحْقاقَه عليه، والمُدَّعَى عليه المُطالَبُ؛ بدَليلِ قوْلِه، عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ: «البَيِّنَةُ علَى المُدَّعِى» (١). وإنَّما تكونُ البَيِّنَةُ مع المُطالَبَةِ، وأمَّا مع عَدَمِها، فلا. انتهى. ويُمْكِنُ أنْ يُجابَ بأنْ يُقالَ: المُرادُ بتَعْريفِ المُدَّعِى والمُدَّعَى عليه حالُ المُطالَبَةِ؛ لأنَّهم ذكَروا ذلك ليُعْرفَ (٢) مَن عليه البَيِّنَةُ ممَّنْ عليه اليَمِينُ، وإنَّما يُعْرَفُ ذلك بعدَ المُطالَبَةِ. وقال ابنُ نَصْرِ اللهِ

فى «حَواشِى الفُروعِ»: قوْلُهم: المُدَّعِى مَن إذا سكَت تُرِكَ. يَنْبَغِى أنْ يُقَيَّدَ ذلك إنْ لم تَتَضَمنْ دَعْواه شيئًا إنْ لم يُثْبتْه، لَزمَه حدٌّ أو تَعْزيزٌ، كَمَنِ ادَّعَى على إنْسانٍ أنَّه زَنَى بابْنَتِه، أو أنَّه سرَق له شيَئًا، فإنَّه قاذِفٌ فى الأُولَى، ثَالِبٌ (٣) لعِرْضِه فى الثَّانيةِ؛ فإنْ لم تثْبُتْ دَعْواه، لَزِمَهُ حدُّ القَذْفِ فى الأُولَى، والتَّعْزِيرُ فى الثَّانيةِ.


(١) تقدم تخريجه فى ١٦/ ٢٥٢.
(٢) فى الأصل: «لتعريف».
(٣) ثلَب فلانًا: عابه وتنقَّصه.