للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بنَقْلِ المعانِى، مع قُصورِ التَّأَمُّلِ عنِ اسْتِيعابِ مُرادِ المُتَكَلِّمِ الأَوَّلِ بلَفْظِه، ورُبَّما كانتْ بقِيَّةُ الأسْبابِ مُفَرَّعَةً عنه؛ لأَنَّ القَطْعَ بحُصولِ مُرادِ المُتَكَلِّمِ بكلامِه، أو الكاتِبِ بكتابَتِه، مع ثِقَةِ الرَّاوىِ، يتوَقَّفُ على انْتِفاءِ الإِضْمارِ، والتَّخْصيصِ، والنَّسْخِ، والتَّقْديمِ، والتَّأْخيرِ، والاشْتِراكِ، والتَّجَوُّزِ، والتَّقْديرِ، والنَّقْلِ، والمُعارِضِ العَقْلِىِّ، فكُلُّ نقْلٍ لا يُؤْمَنُ معه حُصولُ بعضِ الأسْبابِ، ولا نقْطَعُ بانْتِفائِها، نحن ولا النَّاقِلُ، ولا نظُنُّ عدَمَها، ولا قرِينَةَ تَنْفِيها، ولا نَجْزِمُ فيه بمُرادِ المُتَكَلِّمِ، بل رُبَّما ظَنَنَّاه، أو تَوَهَّمْناه، ولو نُقِلَ لفْظُه بعَيْنِه، وقَرائنهِ، وتاريخِه، وأسْبابِه، لانْتَفَى هذا المَحْذورُ أو أكثرُه، وهذا مِن حيثُ الإِجْمالُ، وإنَّما يَحْصُلُ الظَّنُّ بنَقْلِ المُتَحَرِّى، فيُعْذَرُ تارةً لدَعْوَى الحاجَةِ إلى التَّصَرُّفِ لأسْبابٍ ظاهِرَةٍ، ويكْفِى ذلك فى الأُمورِ الظَّنِّيَّةِ وأكثرِ المَسائلِ الفُروعِيَّةِ، وأمَّا التَّفْصيلُ، فهو أنَّه لمَّا ظهَرَ التَّظاهُرُ بمذاهبِ (١) الأئمَّةِ، رَحِمَهُم اللَّهُ ورَضِىَ عنهم، والتَّناصُرُ لها مِن عُلَماءِ الأمَّةِ، وصارَ لكُلِّ مذهبٍ منها أحْزابٌ وأنْصارٌ، وصارَ دَأْبُ كلِّ فريقٍ نَصْرَ قوْلِ صاحبِهم، وقد لا يكونُ أحدُهم قد اطَّلَعَ على مأْخَذِ إمامِه فى ذلك الحُكْمِ؛ فَتَارَةً يُثْبِتُه بما أثبَتَه به إمامُه، ولا يعْلَمُ بالمُوافَقَةِ، وتارة يُثْبِنُه بغيرِه، ولا يشْعُرُ بالمُخالفَةِ. ومَحْذُورُ ذلك ما يسْتَجِيزُه فاعِلُ ذلك مِن تخْريجِ أقاوِيلِ إمامِه مِن مسْألَةٍ إلى مسْألَةٍ أُخْرى، والتَّفريعِ على ما اعْتَقدَه مذهبًا له بهذا التَّعْليلِ، وهو لهذا الحُكْمِ غيرُ دليلٍ، ونِسْبَةِ (٢) القَوْلَيْن إليه بتَخْريجِه. ورُبَّما حَمَلَ كلامَ الإِمامِ


(١) فى الأصل، ط: «بمذهب».
(٢) فى الأصل: «نسبته».