الذى لم تذْهَبْ فيه نفْسه وماله، وهي في غير العشْرِ تعْدلُ الجِهادَ. قال في «الفُروعِ»: ولعَل هذا مرادُهم. انتهى. وعنه، العِلْمُ تعلُّمُه وتعْليمه أفْضَل مِنَ الجِهادِ وغيرِه. ونقل مُهَنَّا، طَلَب العلْم أفْضَل الأعْمالِ لمَن صحَّتْ نِيته. قيل: بأي شئٍ تصِحُّ النيةُ؟ قال: يَنْوى يتَواضَع فيه، وينْفى عنه الجهْلَ. واخْتارَه في «مجمَع البحْرَيْن». واخْتار بعدَه الجِهاد، ثم بعدَ الجهادِ إصْلاحَ ذات البيْنِ، ثم صِلَة الرحِمِ، والتكسب على العيالِ مِن ذلك. نص عليه الأصحابُ. انتهى. وقال في «نظمه»: الصلاة أفضَل، بعدَ العلْمِ والجِهادِ، والنكاحِ المُؤكدِ. واخْتارَ الحافِظ عَبْدُ الغني (١)، أن الرحْلَةَ إلى سَماعِ الحديثِ أفْضَلُ مِنَ الغزْو، ومِن سائرِ النوافِل. وذكَر الشيخ تَقِيُّ الدين، أن تعلمَ العِلْمِ وتعْليمه يدْخُل بعضه في الجِهادِ، وأنه نوْع مِن الجِهادِ مِن جهةِ أنَّه من فُروض الكِفاياتِ. قال: والمُتَأخِّرون مِن أصحابنا أطْلَقوا القوْلَ، أن أفضَلَ ما يتطوع به الجِهاد. وذلك لمَن أَرادَ أنْ يُنْشئه تطَوعا، باعْتِبارِ أنَّه ليس بفَرْض عَيْن عليه، باعْتِبارِ أن الفرْضَ قد سقَط عنه، فإذا باشَرَه، وقد سقَط عنه الفَرْضُ، فهل يقَعُ فرْضًا أو نَفْلًا؟ على وَجْهَيْن، كالوجْهَيْن في صلاةِ الجِنازَةِ إذا أعادَها بعدَ أنْ صلَّاها غيره. وانبنَى على الوَجْهيْن، جوازُ فِعْلِها بعدَ العَصْرِ والفَجْرِ مرة ثانيةً، والصحيحُ، أن ذلك يقعُ فرْضًا، وأنه يجوزُ فِعْلُها بعد العَصْرِ والفَجْرِ، وإنْ كان ابتِداءُ الدُّخولِ فيه تطَوُّعًا، كما في التَّطَوُّعِ الذى يَلْزَمُ بالشروعِ، فإنَّه كان نَفْلا، ثم يصيرُ إتمامُه واجِبًا. انتهى. وقال في «آداب عُيونِ المَسائل»: العلْمُ أفضلُ الأعْمالِ، وأقرَب العُلَماءِ إلى اللهِ، وأوْلاهم به، أكثرُهم له خَشية. انتهى. وأعلمْ أنَّ الصلاةَ، بعدَ الجِهادِ
(١) عبد الغنى بن عبد الواحد بن عليّ المقدسيّ الجماعيلي الحافظ الكبير القدوة، صاحب التصانيف، تُوفِّي سنة ستمائة. سير أعلام النبلاء ٢١/ ٤٤٣ - ٤٧١.