للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

انتهى. قلت: وفي هذا نظر. وقيل: الحج أفضَل؛ لأنه جِهاد. وذكَر في «الفروع» الأحادِيث في ذلك. وقال: فظَهَر أن نفلَ الحَج أفضَل مِن صَدَقةِ التطَوُّعِ، ومِنَ العِتْقِ، ومِن الأضْحِية. وعلى هذا إنْ ماتَ في الحَجِّ، فكما لو مات في الجِهادِ، يكون شِهيدًا. وذكَر الوارِد في ذلك. وقال: على هذا فالموْتُ في طلَب العلْمِ أوْلَى بالشهادة على ما سبَق. ونقَل أبو طالِب، ليس يُشبهُ الحَجّ شئٌ؛ للتَّعب الذى فيه، ولتلك المشاعرِ، وفيه مشهد ليس في الإِسْلام مِثْلُه، عَشِيةَ عرَفَةَ. وفيه إهْلاكُ المالِ والبَدنِ، وإنْ ماتَ بعَرَفَةَ، فقد طَهُرَ مِن ذنوبِه. ونقَل منها، الفِكْرُ أفضَل مِنَ الصلاةِ والصوْمِ. قال في «الفروعِ»: فقد يتَوجَّهُ أن عملَ القَلب أفضَل مِن عمَلِ الجوارِحِ. ويكونُ مراد الأصحابِ، عمَلَ الجَوارِحِ. ولهذا ذكَر في «الفُنونِ» رِوايةَ منها، فقال: يعْنِي، الفِكْرَ في آلاء الله، ودَلائل صنعه، والوَعْدِ والوعيدِ، لأنه الأَصْل الذى ينتِجُ أفْعالَ الخيرِ، وما أثْمَرَ الشيء فهو خَيْر مِن ثَمرَتِه. وهذا ظاهِرُ «المِنْهاج»، لابنِ الجَوْزيُّ؛ فإنَّه قال فيه: مَنِ انْفتَحَ له طريق عمَل بقَلْبِه بدَوامِ ذِكْر أو فِكْرٍ، فذلك الذى لا يعدَلُ به البَتَّة. قال في «الفروع»: وظاهِرُه أن العالِمَ بالله وبصِفاته أفضَل من العالمِ بالأحْكامِ الشرعية؛ لأن العلْمَ يشْرُف بشرف معْلومِه وبثمراتِه. وقال ابنُ عَقيل في خطْبَةِ «كِفايَتِه»: إنما تشْرف العُلوم بحسَبِ مؤَدِّياتها، ولا أعْظَم مِنَ البارِي، فيكون الحلِم المُودِّي إلى معرِفَتِه وما يجِبُ له وما يجوز، أجَلَّ العُلومِ. واخْتارَ الشيخ تَقِي الدين، أن كل أَحَد بحَسْبِه، وأن الذكْر بالقلب أفضلُ مِنَ القراءةِ بلا قَلْب. وهو مَعنَى كلام ابن الجَوْزِي، فإنَّه قال: أصوَبُ الأمورِ، أنْ ينْظُر إلى ما يطهِّرُ القلْبَ ويُصَفِّيه للذكْرِ والأُنس فيلازِمه. وقال الشيخُ تقِي الدين، في الرد على الرافِضى، بعد أنْ ذكَر تفْضيلَ أحمدَ للجِهادِ، والشافِعيِّ للصَّلاةِ، وأبِي