البَحرَين»: هذا قولُ أكثرِ الأصحاب. ذكَره آخِرَ الباب. والوَجْهُ الثَّاني، أنه يتَوضَّأ وضُوءًا واحِدًا؛ مِن هذا غَرفَةٌ، ومن هذا غَرفَة. وهو المذهبُ. قال ابنُ تَميم: هذا أصَحّ الوَجْهين. قال في «تَجْريدِ العِنايَة»: يَتوضَّأ وُضوءًا واحدًا في الأظْهر. قال في «القَواعِدِ الأصولِيَّة»، في القاعِدَةِ السَّادسةَ عَشْرَةَ: مذهبنا يتَوَضّأ منها وضُوءًا واحدًا. وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «مَجْمَعِ البحرَين». وأطْلَقَهُما في «القواعدِ الأصُولِيَّة» في موْضع آخَرَ. وتظهرُ فائدة الخلافِ إذا كان عندَه طَهورٌ بيَقِين، فمَن يقولُ: يتَوضَّأ وُضوءَين. لا يُصَحِّحُ الوضوءَ فنهما، ومَن يقول: وُضوءًا واحدًا؛ مِن هذا غَرفَةٌ، ومن هذا غَرفَةٌ. يُصَحِّحُ الوضوءَ كذلك مع الطَّهورِ المُتَيَقَّن. الثَّاني، ظاهرُ قوله: توضَّأ. أنَّه لا يتَحَرَّى. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وذكَر في «الرعاية» قوْلًا بالتَّحَرِّي، إذا اشْتَبَه الطهورُ بمائعٍ طاهرٍ غيرِ الماءِ.
فائدة: لو ترَك فرضَه وتوضَّأ مِن واحدٍ فقط، ثم بانَ أنَّه مُصِيبٌ، فعليه الإِعادةُ، على الصَّحيحِ من المذهبِ. وقال القاضي أبو الحسين: لا إعادةَ عليه. الثَّالثُ، قال ابنُ عُبَيدان: قال ابنُ عَقِيلٍ: ويَتَخَرَّجُ في هذا الماءِ أنْ يَتَوضّأ بأيهما شاءَ، على الرِّواية التي تقولُ: إنَّه طَهُورٌ. ويَتَخَرَّجُ على الرِّواية التي تقولُ بنجاستِه، أنَّه لا يَتَحَرَّى. انتهى. قلتُ: هذا متعيِّنٌ، وهو مُرادُ الأصحاب. ومتى حَكَمنا بنجاستِه أو بطَهُورِيته، فما اشْتَبَه طاهرٌ بطَهُورٍ، وإنَّما اشْتَبه طَهورٌ بنجِس، أو بطَهُورٍ مثْلِه، وليسَتِ المسْألَةُ، فلا حاجةَ إلى التَّخْرِيج. ومُرادُ ابنِ عَقِيل إذا كان الطَّاهِرُ مُسْتَعْمَلًا في رفْعِ الحدَثِ، والمسْالةُ أعَمُّ مِن ذلك.
قوله: وصَلَّى صَلاةً واحدةً. وهذا المذهبُ، سواءٌ قُلْنا: يتوضّأ وُضُوءَين،