«الفُروعِ»: ولهذا ظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ، لا زَكاةَ فى ذلك. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»، وغيرِه: لا زَكاةَ فى كلِّ حَلْى أُعِدَّ لاسْتِعْمالٍ مُباحٍ، قَلَّ أو كَثُرَ، لرَجُلٍ كان أو امْرأةٍ. ثم قال: وعلى هَذَيْن القَوْلَيْن يُخَرَّجُ جوازُ لُبْسِ خاتَمَيْن فأكْثَرَ جميعًا. ومنها، يُسْتَحَبُّ التَّخَتُّمُ بالعَقِيقِ، عندَ صاحِبِ «المُسْتَوْعِبِ»، و «التَّلْخِيصِ»، و «ابنِ تَميمٍ». وقدَّمه فى «الرِّعَايَةِ»، و «الآدَابِ». ولم يَسْتَحِبَّه ابنُ الجَوْزِىِّ. قال ابنُ رَجَب، فى «كِتَابِه»: وظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، لا يُسْتَحَبُّ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، فى رِوايَةِ مُهَنَّا، وقد سأله ما السُّنَّةُ؟ يعْنِى فى التَّخَتُّمِ، فقال: لم تكُنْ خَواتِيمُ القَوْمِ إلَّا فِضَّةً. قال العُقَيْلىُّ (١): لا يصِحُّ فى التَّخَتُّمِ بالعَقِيقِ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- شئٌ. وقد ذَكَرَها كلَّها ابنُ رَجَبٍ، وأعَلَّها فى «كِتَابِه». ومنها، فَصُّ الخاتَمِ إنْ كان ذَهَبًا، وكان يَسِيرًا، فإنْ قُلْنا بإباحَةِ يَسيرِ الذَّهَبِ، فلا كلامَ، وإنْ قُلْنا بعدَمِ إباحَتِه، فهل يُباحُ هنا؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، التَّحْريمُ أيضًا. وقد نصَّ أحمدُ على مَنْعِ مِسْمارِ الذَّهَبِ فى خاتَمِ الفِضَّةِ، فى رِوايَة الأَثْرَمِ، وإبْراهِيمَ بنِ الحارِثِ. وهذا اخْتِيارُ القاضى، وأبى الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّانى، الإِباحَةُ. وهو اخْتِيارُ أبى بَكْرٍ عبدِ العَزِيزِ، والمَجْدِ، والشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ فى العَلَمِ. وإليه مَيْلُ ابنِ رَجَبٍ. قلتُ: وهو الصَّوابُ، وهو المذهبُ على ما اصْطَلَحْناه. ومنها، يُكْرَهُ أنْ يُكْتَبَ على الخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ؛ قُرآنٌ، أو غيرُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، لا يُكْرَهُ دُخولُ الخَلاءِ بذلك. فلا كَرَاهَةَ هنا. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ فى الكَراهَةِ دَلِيلًا إلَّا قوْلَهم: لدُخولِ الخَلاءِ به. والكَراهَةُ تَفْتَقِرُ إلى دَليلٍ، والأصْلُ عدَمُه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقد ورَد عن كثير مِنَ السَّلَفِ، كِتابَةُ ذِكْرِ اللَّهِ على خَواتِيمِهم. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ فى «كِتابِه».
(١) هو محمد بن عمرو بن موسى، صاحب كتاب «الضعفاء». توفى سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. العبر ٢/ ١٩٤.