الثَّانِى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه مِنَ الأصحابِ، أنَّه لا يُباحُ مِنَ الفِضَّةِ إلَّا ما اسْتَثْناه الأصحابُ، على ما تقدَّم. وهو صحيح، وعليه الأصحابُ. وقال صاحِبُ «الفُروعِ» فيه: ولا أعْرِفُ على تَحْرِيمِ لُبْس الفِضَّةِ نصًّا عن أحمدَ، وكلامُ شيْخِنا يدُلُّ على إِبَاحَةِ لُبْسِها للرِّجالِ، إلَّا ما دَلَّ الشَّرَعُ على تَحْرِيمِه. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ أيضًا: لُبْسُ الفِضَّةِ إذا لم يَكُنْ فيه لَفْط عامٌ بالتَّحْريمِ، لم يكُنْ لأحَدٍ أنْ يُحَرِّمَ منه إلَّا ما قامَ الدَّليلُ الشَّرَعِىُّ على تَحْرِيمِه، فإذا أباحَتِ السُّنَّةُ خاتَمَ الفِضَّةِ، دلَّ على إباحَةِ ما فى مَعْناه، وما هو أولَى منه بالإِباحَةِ، وما لم يكُنْ كذلك، فيحْتاجُ إلى نَظَرٍ فى تَحْليله وتَحْريمِه، والتَّحْرِيمُ يَفْتَقِرُ إلى دَليلٍ، والأصْلُ عَدَمُه. ونَصَرَه صاحِبُ «الفُروعِ»، ورَدَّ جميعَ ما اسْتَدَلَّ به الأصحابُ.
قوله: ومِنَ الذَّهَبِ قَبِيعَةُ السيَّفَ. هذا المذهبُ. قال الإِمامُ أحمدُ: كان فى سَيْفِ عُمَرَ سَبائِكُ مِن ذَهَبٍ، وكان فى سَيْفِ عُثْمانَ بنِ حُنَيْفٍ مِسْمَارٌ مِن ذَهَبٍ. قال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ»: جعَل أصحابُنا الجَوازَ مذهب أحمدَ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَة»: يُباحُ فى الأظْهَرِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»،