قوله: وتُستَحَبُّ الصَّدَقَةُ بِالفاضِلِ عن كِفايَتِه وَكِفايَةِ مَن يَمونُه. هكذا أطْلقَ جماعة مِنَ الأصحابِ. ومُرادُهم بالكِفايَةِ الكِفايَةُ الدَّائمَةُ، كما صرَّح به الأصحابُ، بمَتْجَرٍ أو غَلَّةِ وَقْفٍ أؤ صَنْعَةٍ. وهذا المذهبُ مُطْلَقًا، أعْنِى الصَّدقَةَ بالفاضِلِ عن كِفايَتهِ، وكِفايةِ مَن يَمُونُه بمَتْجَرٍ ونحوهِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ»، و «المُغْنِى»، و «الشرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ»، وقال: ومَعْنَى كلام ابنِ الجَوْزِىِّ فى بعضِ كُتُبِه، لا يَكْفِى الاكْتِفاءُ بالصَّنْعَةِ. وقالَه فى غَلَّةِ وَقْفٍ أَيضًا. قال صاحِبُ «الفُروعِ»: وفى الاكتِفاءِ بالصَّنْعَةِ نظَرٌ. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى مَوْضِع مِن كلامِه: أُقْسِمُ باللَّهِ لو عبَس الزَّمانُ فى وَجْهِك مرَّةً، لعَبَسَ فى وَجْهِك أهْلُكَ وجِيرانُك. ثم حَثَّ على إمْساكِ المالِ. وذكَر ابنُ الجَوْزِىِّ فى كِتابِه «السِّرِّ المَصُونِ»، أن الأُوْلَى أنْ يدَّخِرَ لحاجَةٍ تَعْرُضُ، وأنَّه قد يتَّفِقُ له مَرْفِقٌ فيُخْرِج ما فى يَدِه، فيَنْقَطِعُ مَرْفِقُه، فيُلاقِى مِنَ الضَّررِ ومِنَ الذُّلِّ ما يكونُ الموْتُ دُونَهْ. وذكر كلامًا طوِيلًا فى ذلك.