الزَّرْكَشِىُّ، ونقَل عنِ القاضى أنَّه قال: ما أنْبَتَه فى الحَرَمِ أوَّلًا ففيه الجَزاءُ، وإنْ أنْبَتَه فى الحِلِّ، ثم غَرَسه فى الحَرَمِ، فلا جَزاءَ فيه. واخْتارَ المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى»(١)، إنْ كان ما أنْبَتَه الآدَمِىُّ مِن جِنْسِ شَجَرِهم، كالجَوْزِ، واللَّوْزِ، والنَّخْلِ، ونحوِها, لم يَحْرُمْ، قِياسًا على ما أنْبَتُوه مِنَ الزَّرْعِ، والأهْلِىِّ مِنَ الحَيوانِ.
تنبيه: يَحْتَمِلُ قوْلُ المُصَنِّفِ: وما زرَعه الآدَمِىُّ. اخْتِصاصَه بالزَّرْعِ دُونَ الشَّجَرِ، فيكونُ مفْهومُ كلامِه تحْريمَ قطْعِ الشَّجَرِ الذى أنْبتَه، وعليه الجَزاءُ. كما جزَم به ابنُ البَنَّا. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ لأنَّ المفْهومَ مِن إطْلاقِ الزَّرْعِ ذلك. انتهى. ويَحْتَمِلُ أنْ يكونَ على إطْلاقِه، فيَعُمَّ الشَّجَرَ، كما هو المذهبُ. قلتُ: وهو أقْرَبُ؛ لأنَّ الأصْلَ العمَل بالعُمومِ، حتى يقُومَ دَليلٌ على التَّخْصِيصِ، لا سِيَّما إذا وافقَ الصَّحيحَ، ولأن «ما» مِن ألْفاظِ العُمومِ، ولكِنْ فيه تجَوُّزٌ. ويَحْتَمِلُ أنْ يُريدَ ما ينبِتُ الآدَمِيُّون جِنْسَه، كما اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى». وذكَر هذه الاحْتِمالاتِ الشَّارِحُ فى كلامِ المُصَنِّفِ.
تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يُبَاحُ إلَّا ما اسْتَثْناه؛ فلا يُباحُ قَطْعُ الشَّوْكِ والعَوْسَجِ وما فيه مَضَرَّةٌ. وهو أحَدُ الوَجْهَيْن. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. قال فى «المُحَررِ»: وشَجَرُ الحَرَمِ ونَباتُه مُحَرَّمٌ، إلَّا اليابِسَ،