مُوجِبٍ. انتهى. قال الزَّرْكَشِي: وقد يَنْبَنِي أيضًا على قولِ الخِرَقِي أنَّه لا يجبُ، بل لا يصِحُّ غُسلُ مَيِّتَةٍ مع قيامِ الحَيضِ والنِّفاسِ، وإنْ لم تكُنْ شهِيدَةً، وهو قويٌّ في المذهبِ، لكنْ لا بدَّ أنْ يُلْحَظَ فيه أنَّ غُسْلَها للجَنابَةِ قبلَ انْقِطاعِ دَمِها لا يصِحُّ؛ لقيامِ الحَدَثِ، كما هو رأي ابنِ عَقِيل في «التَّذْكِرَةِ»، وإذًا لا يصِحُّ غُسْلُ الموْتِ بقيامِ الحَدَثِ كالجَنابَةِ، وإذا لم يصِحَّ لم يَجِبْ حذارًا مِن تكْليفِ ما لا يُطاقُ، والمذهبُ صِحَّةُ غُسْلِها للجَنابَةِ قبلَ ذلك، فيَنْتَفِي هذا البِناءُ. انتهى. قلتُ: هذا القولُ الذي حَكاه بعدَمِ صحَّةِ غُسْلِ المَيِّتةِ لا يُلْتَفَتُ إليه، والذي يظهرُ أنه مُخالِف للإِجْماعِ، وتقدَّم قريبًا. وقال الطُّوفِيُّ في «شَرْحِ الخِرَقِي»: فرعٌ، لو أسْلمَتِ الحائضُ أو النُّفَساءُ قبلَ انْقِطاعِ الدَّمِ؛ فإنْ قُلْنا: يجبُ الغُسْلُ على مَن أسلَم مُطْلقًا. لَزِمَها الغُسْلُ إذا طَهُرَتْ للإِسْلامِ، فيَتَداخَلُ الغُسْلان، وإنْ قُلْنا: لا يجب. خُرِّجَ وجوبُ الغُسْلِ عليها عندَ انْقطاعِ الدم على القوْلَين في مُوجِبه؛ إنْ قُلْنا: يجبُ بخُروجِ الدَّمِ. فلا غُسْلَ عليها؛ لأنَّه وجَب حال الكفْرِ، وقد سقَط بالإِسْلامِ، لأنَّ الإسْلامَ يَجُبُّ ما قبلَه، والتَّقْديرُ أنْ لا غُسْلَ على مَن أسلَم، وعلى هذا تغتسلُ عندَ الطُّهْرِ نظافةً لا عبادةً، حتى لو لم تَنْوِ أَجْزأَها، وإنْ قُلْنا: يجبُ بالانْقِطاعِ. لَزِمَها الغُسْلُ؛ لأنَّ سببَ وُجوبِه وُجِدَ حالَ الإِسْلامِ، فصارَتْ كالمُسْلمةِ الأصْلِيَّةِ. قال: وهذا الفرْعُ إنَّما اسْتَخْرَجْتُه ولم أرَه لأحَدٍ، ولا سَمِعْتُه منه ولا عنه إلى هذا الحينِ، وإنَّما أقولُ هذا حيثُ قُلْتُه؛ تَمْييزًا للمَقولِ عن المنْقولِ، أداءً للأمانةِ. انتهى.
فائدة: لا يجبُ على الحائضِ غُسْلٌ في حالِ حَيضِها مِنَ الجَنابَةِ ونحوها، ولكنْ يصِحُّ على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ فيها. ونصَّ عليه. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرح»، و «ابن تَميمٍ». واخْتارَه في «الحاوي الصَّغيرِ». وقدمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ» في هذا البابِ. وعنه، لا يصِحُّ. جزَم به ابنُ عَقِيلٍ في