للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَرْبِ، كَمَا يَحْرُمُ بَينَ الْمُسْلِمِينَ فِي دَارِ الإسْلَامِ.

ــ

ودارِ الإِسْلام، بلا نِزاعٍ. والصحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الربا مُحَرَّم بينَ الحَرْبِي والمُسلم مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهما، ونصَّ عليه الإِمامُ أحمدُ. وقال في «المستوعِبِ» في بابِ الجِهادِ، و «المُحَررِ»، و «المُنَور»، و «تَجريدِ العنايَةِ»، و «إدراكِ الغايَةِ»: يجوزُ الربا بينَ المسْلِمِ والحَرْبِيِّ الذي لا أمانَ بينَهما. ونقَلَه المَيمُونِيّ. وقدَّمه ابن عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِي في دارِ الحَربِ؛ حيثُ قال: ومَن دخَل إلى أرْضِ العَدُوَ بأَمانٍ، لم يَخنهم في مالهم، ولا يُعامِلهم بالربا. وأطلَقهما الزرْكَشِيُّ، ولمُ يَقيِّدْ هذه الرِّوايةَ في «التبصِرَةِ» وغيرِها بعَدَمِ الأَمان. وفي «المُوجَزِ» رِوايَة، لا يَحْرُمُ الرِّبا في دارِ الحَربِ. وأقرَّها الشَيخ تَقِيّ الدِّينِ على ظاهِرِها. قلتُ: يُمْكِنُ أنْ يُفرقَ بينَ الروايَةِ في «التبصِرَةِ» وغيرِها، وبينَ الروايَةِ في «المُوجَزِ»، وحَمْلِها على ظاهِرِها؛ بأنَّ الروايةَ التي في «التبصرَةِ» وغيرَها لم يُقَيِّدْها بعَدَمِ الأمانِ، فيَدْخُلُ فيها لو كانُوا بدارِنا أو دارِهم، بأَمانٍ أو غيرِه. والروايَةُ التي في «المُوجَزِ»، وحَمْلُها على ظاهِرِها، أنَّه لا يَحْرم الربا في دارِ الحَرْبِ سواءٌ كان بأمانٍ أو غيرِه. فرِوايَةُ «التبصرَةِ» أعَم؛ لشُمُولِها دارَ الحَرْبِ ودارَ الإِسْلامِ، بأمانٍ أو غيرِه. ورِوايَةُ «المُوجَزِ» أخَصُّ؛ لقُصُورِها على دارِ الحَرْبِ، وحَمْلِها على ظاهِرِها، سواءٌ كان بينَهم أمانٌ أوْ لا، ولا يتَوهَّمُ مُتَوَهِّم أنَّ ظاهِرَها يشْمَلُ المُسْلِمَ، فإنَّ هذا لا نِزاعَ فيه، ومعاذَ اللهِ أنْ يُرِيدَ ذلك