وفيهما رِوايَتان تقَدَّمَتا في أحْكامِ القَبْضِ مِن نَفْسِه لمُوَكِّلِه، وتأْتِي المُضارَبَةُ في كلامِ المُصَنِّفِ في الشَّرِكَةِ. وكذا الحُكْمُ لو قال: اعْزِلْه وضارِبْ به. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا يجْعَلُه مُضارَبَةً إلَّا أنْ يقولَ: ادْفَعْه إلى زَيدٍ، ثُمَّ يدْفَعُه إليك. ومنها، لو قال: تصَدَّقْ عنِّي بكذا. ولم يَقُلْ: مِن دَينِي. صحَّ، وكان إقْراضًا، كما لو قال ذلك لغيرِ غَرِيمِه، ويسْقُطُ مِنَ الدَّينِ بمِقْدارِه للمُقَاصَّةِ (١). قاله في «المُحَرَّرِ»، و «الفَائقِ»، وغيرِهما. ومنها، مسْألَةُ المُقاصَّةِ، وعادَةُ المُصَنِّفِين؛ بعضُهم يذْكُرُها هنا، وبعضُهم يذكُرُها في أواخِرِ بابِ الحَوالةِ. والمُصَنِّفُ، رَحِمَهُ الله، لم يذْكُرْها رَأسًا، ولكِنْ ذكَر ما يدُلُّ عليها في كِتابِ الصَّداقِ، وهو قوْلُه: وإذا زوَّجَ عبْدَه حُرَّةً، ثم باعَها العَبْدَ بثَمَنٍ في الذِّمَّةِ، تحَوَّلَ صَداقُها أو نِصْفُه، إنْ كان قبلَ الدُّخولِ، إلى ثَمَنِه. فنَقُولُ: مَن ثبَت له على غَرِيمِه مِثْلُ ما له عليه -قَدْرًا وصِفةً، حالًا ومُؤَجَّلًا- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما يتَساقَطان، أو يَسْقُطُ مِنَ الأكْثَرِ قَدْرُ الأقَلِّ مُطْلَقًا. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ» في هذه المَسْأَلَةِ، وجزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه»، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ»، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، وغيرِهمِ، بل عليه الأصحابُ. وعنه.، لا يتَساقَطان إلَّا برِضَاهُما. قال في «الفائقِ»: وتتَخرَّجُ الصِّحَّةُ بتراضِيهما، وهو المُخْتارُ. وعنه، يتَساقَطان برِضَى أحَدِهما. وعنه، لا يتَساقَطان مُطْلَقًا.