للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على قَوْلٍ، فإنَّ تَقْييدَه بالماءِ والتُّرابِ يُخْرِجُ ذلك. وإخْراجِه أيضًا نجاسةً تَصِحُّ الصلاةُ معَها، فإنَّ زَوالها طَهارة، ولا تَمْنَعُ الصلاةَ، وإخْراجِه أيضًا الأغْسال المُسْتَحَبَّةَ، والتَّجْدِيدَ، والغَسْلَةَ الثَانيةَ والثَّالثةَ، وهي طهَارةٌ، ولا تَمْنَعُ الصَّلاةَ. وقوله: بالماءِ، أو رَفعُ حُكْمِه بالتُّرابِ. فيه تَعْمِيمٌ، فيَحْتاجُ إلى تَقْيِيدِهما بكَوْنِهما طَهُورَين. قال ذلك الزَّرْكشِيُّ. وأُجِيب عن الأغْسالِ المُسْتَحَبَّةِ ونحوها، بأنَّ الطَّهارةَ في الأصْلِ إنَّما هي لرَفْعِ شيءٍ، إذْ هي مَصْدَرُ طَهُر، وذلك يقْتَضِي رَفْعَ شيءٍ، وإطْلاقُ الطَّهارةِ على الوُضوءِ المُجدَّدِ والأغْسالِ المستحبَّةِ مَجازٌ؛ لمُشابَهتِه للوُضوءِ الرَّافعِ والغُسْلِ الرَّافِع في الصُّورةِ. ويُمْكِنُ أن يُقال في دَلْكِ النَّعْلِ وذَيلِ المرأةِ بأنَّ المذهبَ عَدمُ الطَّهارةِ بذلك، كما يأْتِي بَيانُ ذلك. وعلى القَوْلِ بالطَّهارةِ، إنَّما يحْصُلُ ذلك في الغالِبِ بالتُّرابِ، وإنَّ الماءَ والترابَ عندَ الإطْلاقِ إنَّما يتنَاولُ الطَّهورَ منهما عندَ الفُقَهاء، فلا حاجةَ إلى تَقْيِيدِهما به.

وقال ابنُ أبي الفَتْحِ، في «المُطْلِع»: الطهارةُ في الشَّرْعِ، ارْتِفاعُ مانِعِ الصلاةِ وما أشْبَهَه؛ من حَدَثٍ أو نَجاسةٍ، بالماءِ، وارْتِفاعُ حُكْمِه بالتُّرابِ. فأدخَلَ بقولِه: وما أشْبَهَه. تَجْدِيدَ الوُضوءِ، والأغْسال المُسْتحَبَّةَ، والغَسْلَةَ الثانيةَ والثالثةَ، ولكنْ يَرِدُ عليه غيرُ ذلك، وفيه إبْهامٌ ما.

وقال شارحُ «المُحَرَّرِ»: معنى الطهارةِ في الشَّرْعِ مُوافِقٌ للمعنَى اللُّغَويِّ، فلذلك نقولُ: الطهارةُ خُلُوُّ المَحَلِّ عمَّا هو مُسْتَقْذَرٌ شَرْعًا. وهو مُطرَّدٌ في جميع الطَّهاراتِ، مُنْعَكِسٌ في غيرِها، ثم المُسْتَقْذَرُ شَرْعًا؛ إمَّا عَينِيٌّ، ويُسَمَّى نَجاسةً، أو حُكْمِيٌّ، ويُسَمَّى حَدَثًا، فالتَّطهِيرُ إخْلاءُ المحلِّ من الأقْذارِ الشَّرعِيَّة. وبهذا يتَبَيَّنُ أنَّ حَدَّ الفقهاء للطهارةِ برَفْع ما يمْنَعُ الصلاةَ مِن حَدَثٍ أو نَجاسةٍ بالماءِ، أو إزالةِ حُكْمِه بالتُّرابِ، وهو أجْوَدُ ما قِيل عندَهم، غيرُ جَيِّدٍ؛ لأنَّ ما يَمْنَعُ الصلاةَ ليس إلَّا بالنِّسْبة إلى الإِنسانِ، لا إلى بَقِيَّة الأعيانِ. ثم الحَدُّ مُتَعَدٍّ، والمَحْدودُ لازِمٌ، فهو