والمَنْصوصُ عنِ الإمام أحمدَ، في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ، وحَرْبٍ، جَوازُ الأَكْل مِنه بالمَعْروفِ. قاله في «الفُروعِ»، وغيرِه. قال في «الفائقِ»، بعدَ ذِكْرِ التَّخْرِيجِ: قلتُ: وإلْحاقُه بعامِلِ الزَّكاةِ في الأكْلِ مع الغِنَى، أوْلَى. كيف وقد نصَّ أحمدُ على أكْلِه منه بالمَعْروفِ، ولم يَشْتَرِطْ فَقْرًا؛ ذكَرَه الخَلَّالُ في الوَقْفِ. قال في رِوايَةِ أبِي الحارِثِ: وإنْ أكَل منه بالمَعْروفِ، فلا بَأْسَ. قلتُ: فيَقْضِي دَينَه؟ قال: ما سَمِعْتُ فيه شيئًا. انتهى. وعنه، يأْكُلُ إذا اشْتَرَطَ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّين: لا يُقَدَّمُ بمَعْلُومِه بلا شَرْطٍ، إلَّا أنْ يأْخُذَ أُجْرَةَ عَمَلِه مع فَقْرِه، كوَصِيِّ اليَتيمِ. وفرَّق القاضي بينَ الوَصِيِّ والوَكِيلِ؛ [بأنَّه لا يُمْكِنُه](١) مُوافقتُه على الأُجْرَةِ، والوَكِيلُ يُمْكِنُه. ونقَل حَنْبَلٌ، في الوَلِيِّ والوَصِي يقُومان بأمْرِه، يأْكلان بالمَعْروفِ؛ لأنَّهما كالأَجيرِ والوَكيلِ. قال: وظاهرُ هذا، النَّفَقَة للوَكِيلَ.
فوائد؛ إحْداها، الحاكِمُ أو أمِينُه إذا نظَر في مالِ اليَتيمِ، فقال القاضي مَرَّةً: لا يأْكُلُ، وإنْ أكَل الوَصِيُّ. وفرَّقَ بينَهما وبينَ الوَصِيِّ. وقال مَرَّةً: له الأكْلُ، كوَصِيِّ الأبِ. قلتُ: وهو الصوابُ. وهو داخِل في عُمومِ كلامِ المُصنِّفِ وغيرِه. الثَّانيةُ، الوَكِيلُ في الصَّدقَةِ لا يأْكُلُ منها شيئًا لأجْلِ العَمَلِ. نصَّ عليه. وقد صرَّح القاضي في «المُجَرَّدِ» بأنَّ مَن أُوصِيَ إليه بتَفْرِقَةِ مالٍ على المَساكِينِ، أو دفَع إليه رَجُلٌ في حَياتِه مالًا؛ ليُفَرِّقَه صدَقَةً، لم يَجُزْ أنْ يأْكُلَ منه شيئًا بحَقِّ قِيامِه؛ لأنَّه مَنْفَعَةٌ، وليس بعاملٍ مُنَمٌّ مُنْجِزٍ.