تَبَعًا للحارِثِيِّ: هو الاسْتِيلاءُ على حقِّ غيرِه قَهْرًا ظُلْمًا. قال الحارِثِيُّ: هذا أسَدُّ الحُدودِ. قلتُ: فهو أوْلَى مِن حدِّ صاحِبِ «المُطْلِعِ» وأمْنَعُ؛ فإنه يَرِدُ على حَدِّ صاحبِ «المطْلِعِ»، لو اسْتَوْلَى على حقِّ غيرِه، مِن غيرِ ظُلْمٍ ولا قَهْرٍ، أنَّه يُسَمَّى غَصْبًا. وليس كذلك، اللَّهُمَّ إلَّا أنْ يكونَ مُرادُه ذلك مع بَقِيَّةِ حدِّ المُصَنِّفِ. وهو الظَّاهِرُ. وقال في «الوَجيزِ»: هو الاسْتِيلاءُ على حقِّ غيرِه ظُلْمًا. ويَرِدُ عليه ما أُخِذَ مِن غيرِ قَهْرٍ. وقال في «تجْريدِ العِنايةِ»: هو اسْتِيلاءُ غيرِ حَرْبِيٍّ على حقِّ غيرِه قَهْرًا بغيرِ حقٍّ. قلتُ: هو أصحُّ الحُدودِ وأسْلَمُها. ويَرِدُ على حَدِّ غيرِه، اسْتِيلاءُ الحَرْبِيِّ، فإنَّه اسْتِيلاءٌ على حقِّ غيرِه قَهْرًا بغيرِ حَقٍّ، وليس بغَصْبٍ. على ما يأْتِي قرِيبًا في كلامِ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وقال في «المُحَرَّرِ»: هو الاسْتِيلاءُ على مالِ الغيرِ ظُلْمًا. وتابعَه في «الفائقِ»، و «إدْراكِ الغايةِ»، ومَعْناه في «الكافِي»، و «العُمْدَةِ»، و «المُغْنِي». قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وقوْلُه: على مالِ الغَيرِ ظُلْمًا. يدْخُلُ فيه مالُ المُسْلِمِ، والمُعاهَدِ، وهو المالُ المَعْصومُ، ويَخْرُجُ منه اسْتِيلاءُ المُسْلمِين على أمْوالِ أهْلِ الحَرْبِ، فإنَّه ليس بظُلْمٍ. ويدْخُلُ فيه اسْتِيلاءُ أهْلِ الحَرْبِ على مالِ المُسْلِمِين، وليس بجَيِّدٍ؛ فإنَّه ليس مِنَ الغَصْبِ المَذْكورِ حُكْمُه. هذا بإِجْماعِ المُسْلِمِين؛ إذْ لا خِلافَ أنَّه لا يُضْمَنُ بالإِتْلافِ، ولا بالتَّلَفِ، وإنَّما الخِلافُ في وُجوبِ رَدِّ عَينِه، إذا قَدَرْنا على أخْذِه. وأمَّا أمْوالُ أهْلِ البَغْي، وأهْلِ العَدْلِ، فقد لا تَرِدُ؛ لأنَّه هناك لا يجوزُ