وَحطَبٍ، وثَمَرٍ، وما يَنْتَبذُه النَّاسُ، رغْبَةً عنه، فهو أحَقُ به. وكذا لو سبَق إلى ما ضاعَ مِن النَّاسِ ممَّا لا تَتْبَعُه الهِمَّةُ، وكذا اللَّقيطُ، وما يسْقُطُ مِنَ الثَّلْجِ والمَنِّ، وسائِرِ المُباحاتِ، فهو أحقُّ به. وهذا بلا نِزاعٍ.
وقوله: وإن سبَق إليه اثْنان، قُسِمَ بينَهما. هذا المذهبُ. قال في «الفُروعِ»: وهو الأصحُّ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ في «تَذْكِرَتِه». وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، و «الوَجيزِ»، وغيرِهم. قال في «القواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: فأمَّا إنْ وقَعَتْ أيدِيهما على المُباحِ، فهو بينَهما بغيرِ خِلافٍ، وإنْ كان في كلامِ بعضِ الأصحابِ ما يُوهِمُ خِلافَ ذلك، فليس بشيءٍ. وقدَّمه في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وقيل: يَقْتَرِعان. وقدَّمه في «الفُروعِ». وقيل: يُقَدِّمُ الإِمامُ أيَّهما شاءَ. وقال الحارِثِيُّ: ثمَّ إنَّ أبا الخَطَّابِ في كِتابِه، قيَّد اقْتِسامَهما بما إذا كان الأخْذُ للتِّجارَةِ. ثمَّ قال: وإنْ كان للحاجَةِ، احْتَمَلَ ذلك أيضًا، واحْتَمَلَ أنْ يُقْرَعَ بينَهما. واحْتَمَلَ أنْ يُقَدِّمَ الإِمامُ مَن يرَى منهما. وتابعَه عليه السَّامَرِّيُّ، وصاحِبُ «التَّلْخِيصِ»، وغيرُهما. وهذا عندِي غلَطٌ، فإنَّ المُباحَ إذا اتَّصَلَ به الأخْذُ، اسْتقَرَّ المِلْكُ عليه، ولا بُدَّ؛ لوُجودِ السَّبَبِ المُقيَّدِ له، مع أنَّ القُرْعَةَ لم تَرِدْ في هذا النَّوْعِ، ولا في (١) شيءٍ منه. وكيف يخْتَصُّ به أحدُهما مع قِيامِ السَّبَبِ بكلِّ واحدٍ منهما؟ نعم قد يجْرِي ما قال فيما إذا ازْدَحَما عليه ليَأْخُذاه. ثمَّ قال: والصَّوابُ ما اقْتَصَر عليه المُصَنِّفُ، مِنَ الاقْتِسامِ مع عدَمِ الفَرْقِ بينَ التِّجارَةِ، والحاجَةِ. انتهى.
تنبيه: فعلى المذهبِ، قال الحارِثِيُّ: إنَّما يتَأتَّي هذا في المُنْضَبِطِ الدَّاخِلِ تحتَ