تنبيه: قال الحارِثِي في «شَرْحِه»، في قوْلِ المُصَنِّفِ: فالقَوْلُ قَوْلُ الجاعِلِ: تجَوُّز منه؛ فإنه ليس بجاعِل فيما إذا اخْتَلَفا في أصْلِ الجَعالةِ. انتهى. قلتُ:[إنما حُكِمَ](١) بكَوْنِه جاعِلًا في المَسْألتَين في الجُمْلَةِ. أما في اخْتِلافِهم في قَدْرِ الجُعْلِ، فهو جاعِلٌ بلا رَيبٍ. وأما في اخْتِلافِهم في أصْلِ الجُعْلِ، فليس بجاعِل بالنِّسْبَةِ إلى نَفْسِه، وهو جاعِل بالنِّسْبَةِ إلى زَعْمِ غَرِيمِه. فعلى الأولِ، يكونُ مِن بابِ إطْلاقِ اللفْظِ المُتَواطئ إذا أرِيدَ به بعضُ مَحالِّه، وهو كثير شائع في كَلامِهم، على ما تقدم في كتابِ الطهارَةِ.
فائدة: وكذا الحُكْمُ لو اخْتَلَفا في قَدْرِ المَسافَةِ.
تنبيه: ظاهِرُ قَوْلِه: ومَن عَمِلَ لغيرِه عَمَلًا بغيرِ جُعْل، فلا شيءَ له. ولو كان العَمَلُ تخْلِيصَ مَتاعِ غيرِه مِن فَلاةٍ، ولو كان هَلاكُه فيه مُحَققًا، أو قريبًا منه؛ كالبَحْرِ، وفَمِ السَّبُعِ، وهو قَوْلُ القاضي في «المُجَردِ»، وله احْتِمال بذَلك. في غيرِ «المُجَرَّدِ»، وهو ظاهِرُ كلامِ جماعةٍ مِنَ الأصحابِ. والصحيح مِنَ المذهبِ المَنْصُوصِ عن أحمدَ، أنه يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِه في ذلك، بخِلافِ اللُّقَطَةِ، وعليه الأصحابُ. وكذلك لو انْكَسَرتِ السَّفينَةُ، فخَلّصَ قَوْمٌ الأمْوال مِنَ البَحْرِ، فإنه يجِبُ لهم الأجْرَةُ على المُلاكِ. ذكَرَه في «المُغْنِي»،