تنبيه: حيثُ قُلْنا بالعَفْو فيما تقدَّم، فمَحَلُّه في الجامِدَاتِ دُونَ المائعاتِ، إلَّا عندَ الشيخِ تَقِيِّ الدِّين؛ فإنَّ عندَه، يُعْفَى عن يسيرِ النَّجاساتِ في الأطْعِمَةِ أيضًا، كما تقدَّم قريبًا.
فائدتان؛ إحْداهما، ما يُعْفَى عن يسيرِه، يُعْفَى عن أثَرِ كثيرِه على جِسْمٍ صَقيلٍ. بعدَ مسْحِه. قاله المُصَنِّفُ، ومَنْ بعدَه. الثَّانيةُ، حَدُّ اليسيرِ هنا ما لم ينْقضِ الوضوءَ، وحدُّ الكثيرِ ما نقَضَ، على ما تقدَّم في بابِ نَواقِضِ الوضوءِ مِنَ الأقْوالِ والرِّواياتِ، فما لم ينْقُضْ هناك، فهو يسيًر هنا، وما نقَضَ هناك فهو كثيرٌ هنا. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصْحابِ، وهو ظاهرُ ما جزَم به في «الفُروعِ»، لكنَّ ظاهِرَ عبارَتِه مُشْكِلٌ، يأْتِي بَيانُه. وقطعَ به المُصَنِّف، والشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى في «شَرْحِه»، وغيرُهم. ولكنْ قدَّم في «الفائقِ» هنا؛ ما يَسْتَفْحِشُه كلُّ إنْسانٍ بحسَبِه، وقدَّم هناك؛ ما فَحُشَ في أنْفُسِ أوْساطِ النَّاسِ، وقدَّم في «المُسْتَوْعِبِ» هناك؛ ما فَحُشَ في النَّفْسِ، وقدَّم هنا؛ اليَسيرُ ما دُونَ شِبْرٍ في شِبْرٍ. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرى»، وتَبِعَه ابنُ عُبَيدان، بعدَ أنْ ذكرَ بعْضَ الأقْوالِ التي في المسْأَلَةِ هنا: وقيل: الكثيرُ ما ينْقُضُ الوضوءَ. وقال في نَواقِضِ الوُضوءِ: وعنه، الكثيرُ ما لا يُعْفَى عنه في الصَّلاةِ. فظاهِرُه عدَمُ البِنَاء. وقدَّم في «الرِّعايتَين» هنا؛ أنَّ الكثيرَ ما فَحُشَ في نفُوسِ أوْساطِ النَّاسِ، كما قدَّمه هناك. وقدَّم ابنُ تَميمٍ في المَوْضِعَين؛ ما فَحُشَ في نفْسِ كلِّ إنْسانٍ بحَسَبِه. وعنه، اليسيرُ ما دُونَ شِبْرٍ في شِبْرٍ. وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، كما تقدَّم. وعنه، هو ما دُونَ قَدْرِ الكَفِّ.