ويُؤيِّدُ هذا صِحَّةُ وَقْفِ البِئْرِ، فإنَّ الوَقْفَ وارِد على مَجْموعِ الماءِ والحَفيرَةِ، فالماءُ أصْل في الوَقْفِ. وهو المَقْصودُ مِنَ البِئْرِ. ثم لا أثَرَ لذَهابِ الماءِ بالاسْتِعْمالِ؛ لتجدُّدِ بدَلِه، فهنا كذلك، فيجوزُ وَقْفُ الماءِ كذلك. الهى.
قوله: والمَطْعومِ والرَّياحِينِ. يعْنِي، لا يصِحُّ وَقْفُها. وهو صحيح، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لو تصَدَّقَ بدُهْنٍ على مَسْجِدٍ ليُوقَدَ فيه، جازَ، وهو مِن بابِ الوَقْفِ، وتَسْمِيَتُه وَقْفًا، بمَعْنَى أنَّه وُقِف على تلك الجِهَةِ، لا يُنْتَفَعُ به في غيرِها، لا تأباه اللُّغَةُ، وهو جارٍ في الشَّرْعِ. وقال أيضًا: يصِحُّ وَقْفُ الرَّيحانِ ليَشُمَّه أهْلُ المَسْجِدِ. قال: وطِيبُ الكَعْبَةِ حُكْمُه حُكْمُ كُسْوَتِها. فعُلِمَ أن التطيبَ مَنْفَعَة مقْصودَة، لكِنْ قد تطُولُ مُدَّةُ التَّطيُّبِ، وقد تَقْصُرُ، ولا أثرَ لذلك. قال الحارِثِيُّ: وما يبقَى أثَرُه مِنَ الطيبِ؛ كالندِّ، والصَّنْدَلِ، وقِطَعِ الكافُورِ، لشَمِّ المَريضِ وغيرِه، فيصِحُّ وَقْفُه على ذلك؛ لبَقائِه مع الانْتِفاعِ، وقد صحتْ إجارَتُه لذلك، فصَحَّ وَقْفُه. انتهى. وهذا ليس داخِلًا في كلامِ المُصَنِّفِ، والظَّاهِرُ أن هذا مِنَ المُتَّفَقِ على صِحَّتِه؛ لوُجودِ شُروطِ الوَقْفِ فيه.