للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه الإمامُ أحمدُ- كالمَساكِينِ، والمَساجِدِ، والقَناطِرِ، والأقارِبِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: يصِحُّ الوَقْفُ على مُباحٍ أيضًا. وقيل: يصِحُّ على مُباح ومَكْرُوهٍ. قال في «التَّلْخيصِ»: وقيل: المُشْتَرَط أنْ لا يكونَ على جِهَةِ مَعْصِيَةٍ، سواء كان قُرْبَةً وثَوابًا، أو لم يكُنْ. انتهى. فعلى هذا، يصِحُّ الوَقْفُ على الأغْنِياءِ. فعلى المذهبِ، اشْتِراطُ العُزوبَةِ باطل؛ لأنَّ الوَصْفَ ليس قُرْبَة، ولتَمْييزِ الغَنِيِّ عليه. وعلى هذا، هل يلْغُو الوَصْفُ ويَعُمُّ، أو يلْغُو الوَقْفُ، أو يُفَرَّقُ بينَ أَنْ يقِفَ ويَشْتَرِطَ، أو يذْكُرَ الوَصْفَ ابْتِداءً، فيُلْغَى في الاشْتِراطِ، ويصِحُّ الوَقْفُ؟ يحْتَمِلُ أوْجُهًا. قاله في «الفائقِ».

فائدتان؛ إحْداهما، أبطَلَ ابنُ عَقِيلٍ وَقْفَ الستورِ لغيرِ الكعْبَةِ؛ لأنه بِدْعَة، وصحَّحَه ابنُ الزاغُونِيِّ، فيُصْرَفُ لمَصْلَحَةٍ. نَقَله ابنُ الصَّيرَفِيِّ عنهما. وفي «فَتاوَى ابنِ الزاغُونِيِّ»، المَعْصِيَةُ لا تنعَقِدُ. وأفْتَى أبو الخَطَّابِ بصِحتِه، ويُنْفَقُ ثمَنُها على عِمارَته ولا يُسْتَرُ؛ لأنَّ الكَعْبَةَ خُصَّتْ بذلك، كالطَّوافِ. الثَّانيَةُ، يصِحُّ وَقْفُ عَبْدِه على حُجْرَةِ النَّبِيِّ، - صلى الله عليه وسلم -؛ لإخراجِ تُرابِها، وإشْعالِ قَنادِيلِها وإصْلاحِها، لا لإشْعالِها وحْدَه، وتَعْليقِ سُتُورِها الحريرِ، والتَّعْليقِ، وكَنْسِ الحائطِ، ونحو ذلك. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ».

قوله: مُسْلِمِين كانُوا أو مِن أهلِ الذِّمَّةِ. يعنِي، إذا وقَف على أقارِبِه مِن أهلِ الذِّمَّةِ، صحَّ. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً.

تنبيهان؛ أحدُهما، قد يُقالُ: مفْهومُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه لا يصِحُّ الوَقْفُ على ذِمِّيٍّ، غيرِ قَرابَتهِ. وهذا أحَدُ الوَجْهَين، وهو مفْهومُ كلامِ جماعَةٍ؛ منهم صاحِبُ «الوَجيزِ»، و «التلْخيصِ»، وقدَّمه في «الرِّعايتَين»، ومال إليه الزَّرْكَشِيُّ.