وكان وَقْفًا كالأوَّلِ. وقال في «المُبْهِجِ»: ويُشْتَرَى بثَمَنِه ما يكونُ وَقْفًا. قال شيخُنا؛ الشَّيخُ تَقِي الدِّينِ ابنُ قُنْدسٍ البَعْلِيُّ، في حَواشِيه على «المُحَرَّرِ»: الَّذي يظْهَرُ أنَّه متى وقَع الشراءُ لجِهَةِ الوَقْفِ على الوَجْهِ الشَّرعِيِّ، ولَزِمَ العَقْدُ، أنَّه يَصِيرُ وَقْفًا؛ لأنَّه كالوَكِيلِ في الشِّراءِ، والوَكِيلُ يقَعُ شِراؤُه للمُؤَكِّلِ، فكذا هذا يقَعُ شِراؤُه للجِهَةِ المُشْتَرَى لها، ولا يكونُ ذلك إلَّا وَقْفًا. انتهى. وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّاني، لا بدَّ مِن تجْديد الوَقْفِيَّةِ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ فإنَّه قال: وإذا خَرِبَ الوَقْفُ، ولم يَرُدُّ شيئًا، بِيعَ واشْتُرِيَ بثَمَنِه ما يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْفِ، وجُعِلَ وَقْفًا كالأوَّلِ. وهو ظاهِرُ كلامِه في «المُجَرَّدِ» أيضًا؛ فإنَّه قال: بِيعَتْ وصُرِفَ ثَمَنُها إلى شِراءِ دارٍ، وتُجْعَلُ وَقْفًا مَكانَها. قال الحارِثِيُّ: وبه أقولُ؛ لأنَّ الشِّراءَ لا يصْلُحُ سَببًا لإفادَةِ الوَقْفِ، فلابُدَّ للوَقْفِ مِن سَبَبٍ يُفِيدُه. انتهى. وأمَّا الزَّرْكَشِيُّ، فإنَّه قال: ومُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، أنَّه لا يصيرُ وَقْفًا بمُجَرَّدِ الشراءِ، بل لا بدَّ مِن إيقافِ النَّاظِرِ له، ولم أرَ المَسْأْلَةَ مُصَرحًا بها، وقيل: إنَّ فيها وَجْهَين. انتهى.
الفائدةُ الرَّابعَةُ: اقْتَصَرَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشِيُّ؛ وجماعَةٌ على ظاهِرِ كلامِ الخِرَقِيِّ؛ أنَّه لا يُشْترَطُ أنْ يُشْترَى مِن جِنْسِ الوَقْفِ الَّذي بِيعَ، بل أيُّ شيءٍ اشْتُرِيَ بثَمَنِه ممَّا يُرَدُّ على أهْلِ الوَقْفِ، جازَ. والذي قدَّمه في «الفُروع»، أنَّه يصْرِفُه في مِثلِه، أو بعضِ مِثلِه؛ فقال: ويصْرِفُه في مِثلِه، أو بعضِ مِثلِه، قاله أحمدُ. وقاله في «التَّلْخيصِ» وغيرِه، كجِهَتِه. وقدَّمه الحارِثِيُّ، وقال: هو المذهبُ كما قال في الكِتابِ، ومَن عَداه مِنَ الأصحابِ. ونقَل أبو داودَ في