للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وكَذا إنْ أسْقَطَه عنه، أو ترَكَه له، أو ملَّكَه له، أو تصَدَّقَ به عليه، أو عَفا عنه، بَرِئَتْ ذِمَّتُه- وإنْ رَدَّ ذلك ولم يَقْبَلْه. اعْلمْ أنَّه إذا أبْرأه (١) مِن دَينِه، أو وهَبَه له، أو أحَلَّه منه، ونحوَ ذلك، وكان المُبْرِيء والمُبْرأُ يعْلمان الدَّينَ، صحَّ ذلك، وبَرِئَ، وإنْ ردَّه ولم يقْبَلْه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقيل: يُشْترَطُ القَبُولُ. قال في «الفُروعِ»: وفي «المُغْنِي»: في إبْرائِها له مِنَ المَهْرِ، هل هو إسْقاطٌ، أو تَمْلِيكٌ؟ فيتَوَجَّهُ منه احْتِمال لا يصِحُّ به، وإنْ صحَّ اعْتُبِرَ قبولُه. وفي «المُوَجزِ»، و «الإيضاحِ»: لا تصِحُّ هِبَةٌ في عَينٍ. وقال في «المُغْنِي» (٢): إنْ حلَف لا يهَبُه، فأبْرَأَه، لم يَحْنَثْ؛ لأنَّ الهِبَةَ تَمْلِيكُ عَينٍ. قال الحارِثِيُّ: تصِحُّ بلَفْظِ الهِبَةِ والعَطيَّةِ مع اقْتِضائِهما وُجودَ مُعَيَّنٍ، وهو مُنْتَفٍ؛ لإفْادَتِهما لمَعْنَى الإسْقاطِ هنا. قال: ولهذا لو وهَبَه دَينَه هِبَةً حقِيقَةً، لم يصِحَّ؛ لانْتِفاءِ مَعْنَى الإسْقاطِ، وانْتِفاءِ شَرْطِ الهِبَةِ. ومِن هنا، امْتنَع هِبَتُه لغيرِ مَن هو عليه، وامْتنَع إجْزاؤُه عنِ


(١) في الأصل: «بدله».
(٢) المغني ١٣/ ٤٩٤.