للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَتَوقَّفُ على العِلْمِ به، بخِلافِ التَّوْريثِ، وهذا يَرْجِعُ إلى أنَّ التَّوْريثَ يتأَخَّرُ عن موْتِ المَوْرُوثِ، إذا انْعقدَ سبَبُه في حياةِ المَوْروثِ، وأُصُولُ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، تشْهَدُ لذلك. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه»، وقال: وأمَّا القاضي والأَكْثَرون فاضْطَرَبُوا في تخْريجِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، وللقاضى في تخْريجِه ثلَاثةُ أوْجُهٍ؛ الأوَّلُ، أنَّ إِسْلامَه قبلَ قَسْمِ المِيراثِ أوْجَبَ منْعَه مِنَ التَّوْريثِ. وهي طريقةُ القاضي في «المُجَردِ»، وابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال ابنُ رَجَبٍ: وهي ظاهِرَةُ الفَسادِ. والوَجْهُ الثَّاني، أنَّ هذه الصُّورَةَ مِن جُمْلةِ صُوَرِ تَوْريثِ الطِّفْلِ المَحْكومِ بإسْلامِه بمَوْتِ أبِيه، ونصُّه هذا يدُلُّ على عدَمِ التَّوْريثِ، فتكونُ رِوايَةً ثانِيَةً في المَسْأْلةِ. وهذه طريقةُ القاضي في «الرِّوايتَين». قال ابنُ رَجَبٍ: وهي ضعيفةٌ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، صرَّح بالتَّعْليلِ بغيرِ ذلك، ولأن تَوْريثَ الطِّفْلِ مِن أبِيه الكافرِ، وإنْ حُكِمَ بإسْلامِة بمَوْتِه، غيرُ مُخْتَلَفٍ فيه، حتَّى نقَلَ ابنُ المُنْذِرِ وغيرُه الإجْماعَ عليه، فلا يصِحُّ حمْلُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، على ما يُخالِفُ الإجْماعَ. والوَجْهُ الثَّالثُ، أن الحُكْمَ بإسْلامِ هذا الطِّفْلِ حصَل بشَيئَين؛ بمَوْتِ أبِيه، وإسْلامِ أُمِّه، وهذا الثَّاني مانِعَ قَويٌّ؛ لأنَّه مُتَّفَقٌ عليه، فلذلك منَعَ المِيراثَ، بخِلافِ الوَلَدِ المُنْفَصِلِ إذا ماتَ أحدُ أبَوَيه، فإنَّه يُحْكَمُ بإسْلامِه، ولا يُمْنَعُ ارْثَه؛ لأن المانِعَ فيه ضعيفٌ للاخْتِلافِ فيه. وهذه طريقةُ القاضي في «خِلافِه». قال ابنُ رَجَب: وهي ضعيفةٌ أيضًا، ومُخالِفَةٌ لتَعْليلِ الإمامِ أحمدَ، رَحِمَه الله، فإِنَّه إِنَّما علَّلَ بسَبْقِ المانِعِ لتَوْرِيثِه، لا بقُوَّةِ المانِعِ وضَعْفِه، وإنَّمْا ورَّث الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، مَن حُكِمَ بإسْلامِه