المُباحِ يُسْقِطُ الوُجوبَ، والإِغْماءَ بالمَرَضِ لا يُسْقِطُه؛ لأنَّه رُبَّما امْتَنع مِن شُرْبِ الدَّواءِ خوْفًا مِن مشَقَّةِ القَضاءِ، فتَفوتُ مصْلَحَتُه. وقال المُصَنِّف في «المُغْنِي»، ومَن تَبِعَه: مَن شَرِبَ دواءً فزال عقْلُه به، فإنْ كان زَوالًا لا يدومُ كثيرًا، فهو كالإغْماءِ، وإنْ تَطَاوَلَ، فهو كالجُنونِ.
قوله: ولا تَجِبُ على كافِرٍ. الكافرُ لا يَخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ أصْلِيًّا، أو مُرْتَدًّا. فإنْ كان أصْلِيًّا، لم تَجِبْ عليه، بمَعْنَى أنَّه إذا أسْلَمَ لم يقْضِها. وهذا إجْماعٌ. وأمَّا وُجوبُها، بمَعْنَى أنَّه مُخاطَبٌ بها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهم مُخاطَبون بفُروعِ الإِسْلامِ، وعليه الجمهورُ. وعنه، ليسوا بُمخاطَبِين بها. وعنه، مُخاطَبون بالنَّواهِي دُونَ الأوَامرِ. قال في «الرِّعايَةِ»: ولا تَلْزَمُ كافِرًا أصْلِيًّا. وعنه، تَلْزَمُه، وهي أصَحُّ. انتهى. ومحلُّ ذلك أصُولُ الفِقْه. وإنْ كان مُرْتَدًّا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يَقْضِي ما ترَكَه قبلَ رِدَّتِه، ولا يقْضي ما فاتَه زمَنَ رِدَّتِه. قال القاضي، وصاحِبُ «الفُروعِ»، وغيرُهما: هذا المذهبُ، واخْتارَه ابن حامِدٍ، والشَّارِحُ، وقدَّمه المَجْدُ في «شَرْحِه»، وابنُ عُبَيدان، ونصَراه، وقدَّمه ابنُ تَميمٍ، وابن حمْدانَ في «رِعايَتِه الصُّغْرى»، مع أنَّ كلامَه مُحْتَمِلٌ. قال في الفائدَةِ السَّادسَةَ عشَرَةَ: والصَّحيحُ عدَمُ وُجوبِ العِبادَةِ عليه في حالِ الرِّدَّةِ، وعدَمُ إلْزامِه بقَضائِها بعدَ عوْدِه إلى الإِسْلامِ. انتهى. وعنه، يقْضي ما ترَكَه قبل رِدَّتِه، وبعدَها. وجزَم به في «الإفاداتِ» في الصَّلاةِ، والزَّكاةِ، والصَّوْمِ، والحجِّ،