للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ عَادَتْ إِلَى مِلْكِهِ، لَمْ يُصِبْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَتَّى يُحَرِّمَ

ــ

بزَوالِ المِلْكِ، ولو أمكَنَه الاسْترجاعُ، كهِبَتِها لوَلَدِه، أو بَيعِها بشَرطِ الخِيارِ. وجزَم ابنُ رَزِين في «شَرحِه»، أنَّه إذا رَهنَها، أو كاتَبَها، أو دبَّرَها، لا تُباحُ أخْتُها. وقدَّم في «الرِّعايتَين»، أنَّه يكْفِي كِتابَتُها واخْتارَه القاضي وغيرُه. وهو ظاهِرُ كلامِه في «الوَجيزِ»، وابنُ عَقِيل في الجميعِ؛ حيث قال: فإنْ وَطِئ إحداهما، لم تحِلَّ الأخْرَى حتى يُحَرِّمَ المَوْطُوءَةَ بما إلَّا يمكِنُ أنْ يرفَعَه وحدَه. وجزَم به ابنُ عَبْدُوس في «تَذْكِرَتِه». ولو أزال مِلْكَه عن بعضِها، فقالْ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: كفاه ذلك. وهو قِياسُ قوْلِ أصحابِنا.

الثَّالثُ، شَمِلَ قوْلُه؛ بإخْرَاج عَن مِلْكِه. الإِخْراجَ بالبَيعِ وغيرِه. وقد صرَّح به الأصحابُ. فيَحتَمِلُ أنْ يُقال: هذا منهم مَبْنِيٌّ على القَوْلِ بجَوازِ التَّفْريقِ، على ما مرَّ في كِتابِ الجِهادِ (١)، لكِنْ يعكُرُ على ذلك ما قبلَ البُلوغِ، فإنَّه ليس فيه نِزاعٌ. ويَحتَمِلُ أنْ يُقال: يجوزُ البَيعُ هنا للحاجَةِ، وإنْ منَعناه في غيرِه. قال العَلَّامَةُ ابنُ رَجَب: أطْلَقَ الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، والأصحابُ، تحريمَ الثَّانيةِ حتى يُخْرِجَ الأولَى عن مِلْكِه ببَيع أو غيرِه. فإنْ بُنِيَتْ هذه المسْالةُ على ما ذكَرَه الأصحابُ في التَّفْريقِ، لَزِم أنْ لا يجوزَ التَّفْريقُ بغيرِ العِتْقِ، فيما دُونَ البُلوغِ، وبعدَه على رِوايَتَين. ولم يتَعَرَّضُوا هنا لشيءٍ مِن ذلك، ولعَلَّه مُسْتَثْنًى مِنَ التَّفْريقِ المُحَرَّمِ للحاجَةِ، وإلَّا لَزِمَ تحريمُ هذه الأمَةِ بلا مُوجِبٍ. انتهى. وسبَقَه إلى ذلك الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ تعالى. قلتُ: فيُعايىَ بها.

قوله: فإنْ عادَتْ إلى مِلْكِه، لم يُصِبْ واحِدَةً منهما حتى يُحَرمَ الأخْرَى. سواءٌ


(١) انظر ١٠/ ١٠٢.