روَى جماعَةٌ مِن أصحابِه، في مَن وهَب لعَبْدِه سُرِّيَّةً، أو اشْتَرَى له سُرِّيَّة، ثم أعْتَقَها، لا يقْرَبُها إلَّا بنِكاحٍ جديدٍ. وأمَّا إذا كانَتِ امْرَأَتَه، فعَتقَا، لم ينْفَسِخْ نِكاحُه بذلك؛ لأنَّه إذا لم ينْفسِخْ بإعْتاقِها وحدَها، فلِئَلَّا ينْفَسِخَ بإعْتاقِهما معًا أوْلَى. ويَحْتَمِلُ أنَّ الإِمامَ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، إنَّما أرادَ بقوْلِه: انْفَسَخَ نِكاحُهما. أنَّ لهما (١) فَسْخَ النِّكاحِ. وهذا يُخَرَّجُ على الرِّوايَةِ التي تقولُ بأنَّ لها الفَسْخَ إذا كان زوْجُها حُرًّا قبلَ العِتْقِ. انتهى. قال العَلَّامَةُ ابنُ القَيِّمِ، رَحِمَه اللهُ: وهذا تأْويلٌ بعيدٌ جدًّا مِن لَفْظِ الإِمامِ أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، فإنَّ كلامَ الإِمامِ أحمدَ في رِوايَةِ ابن هانِئٍ، وحَرْبٍ، ويَعْقُوبَ بنِ بخْتانَ: إذا زوَّج عَبْدَه مِن أَمَتِه، ثم أعْتَقَهما، لا يجوزُ أنْ يجْتَمِعا حتى يُجَدِّدَ النِّكاحَ. فرَواه الثَّلاثَةُ بلَفْظِ الواحدِ، وهو: أنَّه زوَّجَ عبْدَه مِن أَمَتِه. ثم قوْلُه: حتى يُجَدِّدَ النِّكاحَ. مع قوْلِه: زوَّج. صَريحٌ في أنَّه نِكاحٌ لا تَسَرٍّ. قال: وللبُطْلانِ وَجْهٌ دقيقٌ؛ وهو أنَّه إنَّما زوَّجَها بحُكْمِ المِلْكِ لهما، وقد زال مِلْكُه عنهما، بخِلافِ تزْويجِها لعَبْدِ غيرِه. ولهذا كان في وُجوبِ المَهْرِ في هذه المَسْأَلَةِ نِزاعٌ. فقيل: لا يجِبُ المَهْرُ بحالٍ. وقيل: يجِبُ ويسْقُطُ. والمَنْصوصُ، أنَّه يجِبُ، ويُتْبَعُ به بعدَ العِتْقِ، بخِلافِ تزْويجِها لعَبْدِ غيرِه.