للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال القاضي: الوَجْهان مَبْنِيَّان على دَعْوَى الطَّلاقِ. فعلى المذهبِ، لو نَكَل، أُجِّلَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به في «المُنَوِّرِ»، و «الزَّرْكَشِيِّ». وقدَّمه في «المُحَرَّرِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، و «الفُروعِ». وقيل: تُرَدُّ اليَمِينُ، فيَحْلِفُ ويُؤَجَّلُ.

فائدتان؛ إحْداهما، المُرادُ بالسَّنةِ هنا، السَّنَةُ الهِلالِيَّةُ، اثْنا عَشَرَ شَهْرًا هِلالِيًّا. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ: هذا هو المَفْهومُ مِن كَلامِ العُلَماءِ، فإنَّهم حيث أطْلَقُوا السَّنَةَ أرادُوا بها الهلالِيَّةَ. قال: ولكِنَّ تعْلِيلَهم بالفُصولِ يُوهِمُ خِلافَ ذلك. قال ابنُ رَجَبٍ: وقَرَأْتُ بخَطِّ وَلَدِ أبِي المَعالِى ابنِ مُنَجَّى (١)، يحْكِي عن والِدِه، أنَّ المُرادَ بالسَّنَةِ هنا، هي الشَّمْسِيَّةُ الرُّومِيَّةُ؛ لأنَّها هي الجامِعَةُ للفُصولِ الأرْبَعَةِ التي تخْتَلِفُ الطِّباعُ باخْتِلافِها، بخِلافِ الهِلالِيَّةِ. قال: وما أظُنُّه أخذَ ذلك إلَّا مِن تعْليلِ الأصحاب، لا مِن تصْريحِهم به. انتهى. قلتُ: الخَطْبُ في ذلك يَسِيرٌ، والمُدَّةُ مُتَقَارِبَةٌ؛ فإنَّ زِيادَةَ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ على السَّنَةِ الهِلالِيَّةِ أحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ورُبْعُ يَوْمٍ، أو وخُمْسُ يَوْمٍ. الثَّانيةُ، لو اعْتَزَلَتِ المرْأَةُ الرَّجُلَ، لم تُحْتَسَبْ عليه مِنَ المُدَّةِ، ولو عزَل نفْسَه أو سافَرَ، احْتُسِبَ عليه ذلك. ذكَرَه في «البُلْغَةِ». وذكَرَ في «عُمَدِ الأدِلَّةِ» احْتِمالين؛ هل يُحْتَسَبُ عليه في مُدَّةِ نُشوزِها، أم لا؟ ووقَع للقاضي في «خِلافِه» ترَدُّدٌ. وذكَر فيه أيضًا، أنَّه لا يُحْتَسَبُ عليه بمُدَّةِ الرَّجْعَةِ.


(١) هو عمر بن أسعد بن المنجى بن بركات، التنوخي، شمس الدين، أبو الفتوح، تفقه على والده، وولي قضاء حران، وكان عارفا بالقضاء بصيرا بالشروط والحكومات والمسائل الغامضات، صدرا نبيلا، له كتاب «المعتمد والمعول». توفي سنة إحدى وأربعين وستمائة. ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٢٢٥، ٢٢٦.
ونقل ابن رجب عنه موجود في صفحة ٢٢٦.