وغيرِه: وَجْهُ قوْلِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إذا عقَد فى الظَّاهرِ عَقْدًا، بعدَ عقْدِ السِّرِّ، فقد وُجِدَ منه بَذْلُ الزَّائدِ على مَهْرِ السِّرِّ؛ فيجِبُ ذلك عليه، كما لو زادَها على صَداقِها. قالوا: ومُقْتَضَى ما ذكَرْناه مِنَ التَّعْليلِ لكلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه إنْ كانْ مَهْرُ السِّرِّ أكْثَرَ مِنَ العلانِيَةِ، وجَبَ مَهْرُ السِّرِّ؛ لأنَّه وجَبَ عليه بعَقْدِه، ولم تُسْقِطْه العَلانِيَةُ، فبَقِىَ وُجوبُه. انتهَوْا. قال الزَّرْكَشِىُّ: قد حمَلْنا كلامَ الخِرَقِىِّ على ما إذا كان مَهْرُ العلانِيَةِ أزْيَدَ، وهو مُتأَخِّرٌ؛ بِناءً على الغالِبِ. انتهى. قلتُ: بل هذا هو الواقِعُ، ولا يَتأتَّى فى العادةِ غيرُه. وقال فى «المُحَرَّرِ»: وإذا كرَّر العَقْدَ بمَهْرَيْن؛ سِرًّا وعلانِيَةً، أُخِذَ بالمَهْرِ الزَّائدِ، وهو العلانِيَةُ، وإنِ انْعَقَدَ بغيرِه. نصَّ عليه. وقالَه الخِرَقِىُّ. قال شارِحُه: فقَولُه: أُخِذَ بالمَهْرِ الزَّائدِ؛ وهو العلانِيَةُ. أخْرَجَه مخرجَ الغالِبِ. انتهى. وأمَّا صاحِبُ «الفُروعِ»، فجعَل قَوْلَ الخِرَقِىِّ ومَن تابَعه قوْلًا غيرَ القَوْلِ بالأخْذِ بالزَّائدِ، فقال: ومَن تزَّوج سِرًّا بمَهْرٍ، وعلانِيَةً بغيرِه، أُخِذَ بأزْيَدِهما. وقيل: بأَوَّلِهما. وفى «الخِرَقِىِّ» وغيرِه، يُؤْخَذُ بالعلانِيَةِ. وذكَره فى «التَّرْغيبِ» نصَّ الإمام أحمدَ مُطْلَقًا. انتهى. قلتُ: أمَّا على تقْديرِ وُقوعِ أنَّ مَهْرَ السِّرِّ أكْثَرُ، فلا نعلمُ أحَدًا صرَّح بأنَّها لا تسْتَحِقُّ الزَّائدَ، وإنْ كان انْقَصَ، فَيأْتِى كلامُ الخِرَقِىِّ والقاضى.
فوائد؛ الأُولَى، لو اتَّفقَا قبلَ العَقْدِ على مَهْرٍ وعقدَاه بأكْثَرَ منهِ، تجَمُّلًا -مِثْلَ أَنْ يتَّفِقا على أنَّ المَهْرَ ألْفٌ، ويعْقِدَاه على أَلْفَيْن- فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الأَلْفَيْن هى المَهْرُ. جزَم به المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «البُلْغَةِ»، و «الرِّعايَةِ»، و «النَّظْمِ»، و «الحاوِى»، وغيرُهم. وقالَه القاضى، وغيرُه. وقيل: المَهْرُ ما اتَّفقَا عليه أوَّلًا. فعلى المذهب، قال الإِمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: تَفِى بما وَعدَتْ به وشرَطَتْه، مِن أنَّها لا تأْخُذُ إِلَّا مَهْرَ السِّرِّ. قال