للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى سمعت حنينهن كحنين النّحل ثم وضعهن فخَرِسن (١)؛ وعن علقمة [ق ٣٩/ظ] عن عبدالله - رضي الله عنه - قال: كنّا نأكل عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنسمع تسبيح الطّعام (٢)؛ وأما تأويب الطير معه فإنه عليه الصلاة والسلام كان حسن الصّوت إذا قرأ الزبور جاوبته الجبال والطّير , فقد كان في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - من أوتي مثل ذلك , فقد سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة قراءة أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - فقال (٣): «لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود» (٤) , وروى أبو عمر بن عبدالبَرّ في الاستيعاب عن أبي عثمان النهديّ أنه قال: أدركت الجاهلية فما سمعت صوت صنج ولا بربط ولا مزمار أحسن من صوت أبي موسى بالقرآن وإن كان ليصلي بنا صلاة الصبح فنَودّ لو قرأ بالبقرة من حسن صوته , قال أبو حفص فحدثت به يحيى بن سعيد فاستحسنه واستعادَنيه غير مرّة (٥)؛ فأما هو - صلى الله عليه وسلم - فقد ثبت في صحيح البخاري عن البراء بن عزاب - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في العشاء: {وَالتِّينِ

وَالزَّيْتُونِ (١)} [التين: ١] فما سمعتُ أحداً أحسن صوتاً منه أو قراءة (٦) , ولمّا سمعت الجنّ قراءته (قالوا: إنا سمعنا قرآناً) (٧) عجباً يهدي إلى الرشد , وأعجب من ذلك نزول السّكينة لقراءة بعض أصحابه وهو أُسَيدُ بن حُضَير - رضي الله عنه - (٨) فإنه كان يقرأ سورة الكهف وإلى جانبه


(١) تقدم تخريجه , انظر: ص ٣٩٣.
(٢) أخرجه البخاري (٤/ ١٩٤) , كتاب المناقب , باب علامات النبوة في الإسلام , ح ٣٥٧٩ , بلفظ: "ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل"؛ وأخرجه أبو نعيم في الدلائل (١/ ٥٩٢) ح ٥٣٨.
(٣) في ب "قال" بدون الفاء.
(٤) أخرجه النسائي في السنن الصغرى (٢/ ١٨٠) , كتاب الافتتاح , تزيين القرآن بالصوت , ح ١٠١٩؛ قال الألباني: "صحيح الإسناد". صحيح سنن النسائي (١/ ٣٣٣) , الطبعة الأولى ١٤١٩ , مكتبة المعارف , الرياض , وأخرجه بنحوه البخاري (٦/ ١٩٥) , كتاب فضائل القرآن , باب حسن الصوت بالقراءة للقرآن , ح ٥٠٤٨ , ومسلم (١/ ٥٤٦) , كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن , ح ٧٩٣.
(٥) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (١/ ٢٥٩) , (٢/ ٤٩).
(٦) أخرجه البخاري (٩/ ١٥٨) , كتاب التوحيد , باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الماهر بالقرآن مع الكرام البررة» , ح ٧٥٤٦ , بلفظ: «فما سمعت أحداً أحسن صوتاً أو قراءة منه».
(٧) ما بين القوسين ليس في ب.
(٨) أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك الأنصاري الأشهلي , اختلف في كنيته , والأشهر أبو يحيى وهو يقول ابن إسحاق وغيره , أسلم قبل سعد بن معاذ على يدي مصعب بن عمير , وكان ممن شهد العقبة الثانية , وهو من النقباء ليلة العقبة , وجرح يوم أحد سبع جراحات وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انكشف الناس , توفي أسيد بن حضير في شعبان سنة عشرين , وقيل: سنة إحدى وعشرين. الاستيعاب (١/ ٣٠).

<<  <   >  >>