للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو وجعل فرسه ينفر منها فلمّا أصبح ذَكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «تلك السكينة (١) نزلت للقرآن» (٢) وفي رواية أخرى قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبح الناس ينظرون إليها لا تتوراى منها» (٣) وكان حسن الصّوت , فدنوّ السكينة والملائكة لسماع قراءة ابن خضير أعظم من تسمّع الجبال والطير والوحش لصوت داود عليه الصلاة والسلام , وفي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس" (٤) , وقد سخّر الله تعالى لنبينا - صلى الله عليه وسلم - من الوحش والبهائم [ق ٤٠/و] ماهو أعظم من الطير كالذئب الذي نطق بنبوته وشهد برسالته وكالجمل الشارد الذي سجد له وانقادَ إلى طاعته (٥)؛ وروى أبو سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - قال: بينا راعٍ بالحَرَّة إذِ انتَهَز الذِّئبُ شاةً فتبعه الراعي فحال بينه وبينها , فأقبل الذئب على

الراعي فقال: يا راعي ألا تتقي اللهَ تحول بيني وبين رزق ساقه الله إليّ , فقال الرّاعي: العَجب من ذئب مقعياً على ذنبه يكلمني بكلام الإنس , فقال الذئبُ: ألا أخبرك بما هو أعجب من هذا؟ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الحَرَّتين يدعو الناس إلى أنباء ما قد سبق , فَساق الرّاعي شاءَهُ حتّى أتى المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما قال الذئب , فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال للراعي: «أخبرهم بما قال الذئب» فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صدق الراعي , إنّ من أشراط الساعة كلامَ السّباع الإنسَ والذي نفسي بيده لا تقوم السّاعة حتى تكلّم السّباعُ الإنسَ» (٦)؛ وعن حمزة بن أبي أسيد (٧) قال:


(١) في ب "السفينة" , وهو خطأ.
(٢) أخرجه البخاري (٦/ ١٨٨) , بنحوه في كتاب فضائل القرآن , باب فضل سورة الكهف , ح ٥٠١١ , وأخرجه مسلم (١/ ٥٤٧) , كتاب صلاة المسافرين وقصرها , باب نزول السكينة لقراءة القرآن , ح ٧٩٥.
(٣) أخرجه البخاري (٦/ ١٩٠) , بنحوه في كتاب فضائل القرآن , باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن , ح ٥٠١٨ , وأخرجه مسلم (١/ ٥٤٨) , بنحوه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها, باب نزول السكينة لقراءة القرآن , ح ٧٩٦ , بلفظ: «تلك الملائكة كانت تسمع لك , ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم».
(٤) أخرجه البخاري (٦/ ١٤٢) , كتاب تفسير القرآن , باب: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢] , ح ٤٨٦٢.
(٥) سيأتي تخريجه -إن شاء الله- في موضع لفظ الحديث.
(٦) أخرجه بنحوه: البيهقي في الدلائل (٦/ ١٧٤) ح ٢٢٨٩ , وأبو نعيم في الدلائل (٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤) ح ٢٧٠ , وابن حبان في صحيحه (١٤/ ٤١٨) , باب المعجزات , ذكر شهادة الذئب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدق , ح ٦٤٩٤ , والحاكم في مستدركه (٤/ ٥١٤) , كتاب الفتن والملاحم , ح ٨٤٤٤ , وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم , ولم يخرجاه".
(٧) هو حمزة بن أبي أسيد الساعدي المدني , كنيته: أبو مالك , واسم أبي أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري , يروي عن أبيه , روى عنه الزهرى , مات في زمن الوليد بن عبد الملك. الثقات لابن حبان (٤/ ١٦٨).

<<  <   >  >>