للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نبيّ إلا قد أعطي سؤله وأخّرت أنا شفاعتي لأمّتي» (١) , فإن اعترض معترض بأن سليمان - عليه السلام - كان له سراري , والسراري والعبيد أثر الغنيمة , فكيف يقول محمد - صلى الله عليه وسلم -: «أحلت لي الغنائم ولم تُحَلّ لأحد قبلي» قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي: "إن الأنبياء كانوا إذا جاهَدُوا وقدّموا الغنيمة التي هي أمتعة وأطعمة وأموال نزلت نار فأكلتها كلّها: حصّة ذلك النبي وسهام الأمّة , كما في حديث أبي هريرة الذي في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «غزا نبيّ من الأنبياء فجمعوا الغنائم , فأقبلت النّار لتأكله فأبت أن تَطعمه فقال النّبيّ: فيكم غلول , فأخرجوا مثل رأس بقرة ذهباً فوضعوه في المال , فأقبلت النار فأكلَتْه , فلم تحل الغنائم لأحد قبلنا , ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيّبها [ق ٥٧/و] لنا» فأما العبيد والإماء والحيوانات فإنها تكون ملكاً للغانمين دون الأنبياء عليهم الصلاة السلام , فلا يجوز للأنبياء عليهم السلام أخذ شيء منها بسبب الغنيمة بل بالابتياع و (٢) الهدية ونحو ذلك , ومن هذا تسرّي سليمان عليه الصلاة والسلام , وكذلك تسري إبراهيم عليه الصلاة والسّلام بهاجر أم إسماعيل - عليه السلام - لم يكن ملكه لها من جهة الغنيمة وإنما وصلت إليه من الهبة , ومحمد - صلى الله عليه وسلم - كان (٣) يجوز له ذلك فيأخذ (الخمس و) (٤) الصفي (٥) ويتصرف فيه , وذلك من خصائصه دون الأنبياء صلى الله عليه وعليهم وسلم؛


(١) أخرجه البيهقي بنحوه في سننه (٢/ ٦٠٧) , باب أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد وفي ذلك دلالة على أن أصل الأرض على الطهارة ما لم تعلم نجاسة , ح ٤٢٦٦ , والبزار في مسنده (٢/ ١٦٦) ح ٤٧٧٦ , قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٢٥٨) ح ١٣٩٤٧: "رواه البزار , وفيه من لم أعرفهم".
(٢) في أ "و" , وما أثبته هو المذكور في الوفا بأحوال المصطفى (١/ ٣٦٨) , لأبي الفرج بن الجوزي , تحقيق: مصطفى عبدالواحد , الطبعة الأولى ١٣٨٦ , دار الكتب الحديثة , القاهرة.
(٣) في ب "وكان" بزيادة الواو , وهو خطأ.
(٤) "الخمس و" ليس في ب.
(٥) في الوفا لابن الجوزي (١/ ٣٨٦) "الفيء"؛ والصفي: هو ما يختاره - صلى الله عليه وسلم - قبل القسمة من الغنيمة كجارية وسيف ودرع ومنه صفية أم المؤمنين رضي الله عنها. انظر: كشاف القناع عن متن الإقناع (١١/ ١٩٧) , لمنصور البهوتي , تحقيق: لجنة بإشراف: عبدالعزيز بن قاسم , ١٤٣٠ , وزارة العدل , الرياض.

<<  <   >  >>