للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاختار العاقل على غيره وفضَّله عليه , ثم قسم العاقل قسمين: مؤمناً وغيره , فاختار المؤمن على غيره وفضَّله عليه , ثم قسم المؤمن قسمين: عالماً وغيره , فاختار العالم على غيره وفضَّله عليه , ثم قسم العالم قسمين: أنبياء وغيرهم , فاختار الأنبياء على غيرهم وفضَّلهم عليهم (١) , وهم مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي (٢) , فهم خيرته من خلقه , ثم قسم الأنبياء قسمين: رسُلاً وغيرهم , فاختار الرسل على غيرهم وفضَّلهم عليهم , وهم ثلاثمائة وثلاثة (٣) عشر رسولاً , فهم خيرته من الأنبياء , ثم قسم الرسل قسمين: أولي عزم وغيرهم , فاختار أولى العزم على غيرهم وفضَّلهم عليهم وهم خمسة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم , فهم خيرته من رسله عليهم الصلاة والسلام , ثم اختار من أولي العزم [الخليلين] (٤) إبراهيم ومحمّداً صلى الله عليهما وسلم , فهما خيرته من أولي العزم من الرسل , ثم اختار منهما [الحبيب] (٥)

محمداً - صلى الله عليه وسلم - (٦) , فهو المختار المصطفى من جميع الخلق , كما أخبرنا الشيخ أبو عبدالله


(١) في ب "عليه" , فالضمير فيه يعود إلى العالم.
(٢) ورد في عدة أحاديث تعداد الأنبياء والرسل , ولكن الأحاديث في الباب لا تخلو من ضعف على كثرتها والأولى التوقف , قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: "وجاء في حديث أبي ذر عند أبي حاتم بن حبان وغيره أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرسل وعن الأنبياء فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألفا والرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر» وفي رواية أبي أمامة: «ثلاثمائة وخمسة عشر»، ولكنهما حديثان ضعيفان عند أهل العلم، ولهما شواهد ولكنها ضعيفة أيضاً، كما ذكرنا آنفاً، وفي بعضها أنه قال عليه الصلاة والسلام: «ألف نبي فأكثر»، وفي بعضها «أن الأنبياء ثلاثة آلاف» , وجميع الأحاديث في هذا الباب ضعيفة، بل عد ابن الجوزي حديث أبي ذر من الموضوعات؛ والمقصود أنه ليس في عدد الأنبياء والرسل خبر يعتمد عليه، فلا يعلم عددهم إلا الله سبحانه وتعالى، لكنهم جم غفير، قص الله علينا أخبار بعضهم ولم يقص علينا أخبار البعض الآخر، لحكمته البالغة جل وعلا". مجموع فتاوى العلامة عبدالعزيز بن باز (٢/ ٦٦ - ٦٧) , جمع وترتيب: محمد الشويعر , موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
(٣) في ب "ثلاث".
(٤) مابين المعقوفتين طمس في الأصل , وما ذكرته من ب.
(٥) مابين المعقوفتين طمس في الأصل , وما ذكرته من ب.
(٦) تفضيله لوصف المحبة على وصف الخلة فيه ضعف , قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقول بعض الناس: إن محمداً حبيب الله , وإبراهيم خليل الله , وظنه أن المحبة فوق الخلة قول ضعيف ... وما يروى «أن العباس يُحشر بين حبيب وخليل» وأمثال ذلك فأحاديث موضوعة لا تصلح أن يعتمد عليها". مجموع الفتاوى (١٠/ ٢٠٤)؛ وقال ابن القيم -رحمه الله-: "وقد ظن بعض من لا علم عنده أن الحبيب أفضل من الخليل , وقال محمد حبيب الله وإبراهيم خليل الله , وهذا باطل من وجوه كثيرة: منها: إن الخلة خاصة والمحبة عامة , فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين , وقال في عباده المؤمنين: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: من الآية ٥٤] , ومنها: أن النبي نفى أن يكون له من أهل الأرض خليل , وأخبر أن أحب النساء إليه عائشة , ومن الرجال أبوها , ومنها: أنه قال «إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً» , ومنها: أنه قال: «لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإسلام ومودته». روضة المحبين ونزهة المشتاقين ص ٤٩ , لابن القيم , ١٤١٢ , دار الكتب العلمية , بيروت.

<<  <   >  >>