للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طائفة من أمتي يدعون إلى الحقّ لايضرهم مَن خذلهم ولا مَن خالفهم حتى تقوم الساعة» (١) , وقال الحسن: الحافظون لحدود الله هم أهل الوفاء ببيعته (٢) كما قال له بعض أصحابه حين ندبهم إلى الجهاد: والله لانقول لك كما قال أصحاب موسى لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون , بل نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكم مقاتلون , واللهِ لو أمرتنا أن نُخيضها البحر لأخضناها , ولو أمرتنا أن نضرب أكبادَها إلى بَرك الغِماد لفعلنا (٣). ولما نودي في أصحابه يوم هوازن حين ولّوا لما رَمَوهم بالنّبل نادى العباس: يا أصحاب السَمُرة يا أصحاب سورة البقرة فذكّرهم عقد البيعة التي بايعوا بها محمّداً - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة عَطَفوا عطفة (٤) البقر على أولادها يقولون

: يالبيّك يالبيّك , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الآن حين حمي الوطيس» (٥) وأنزل الله تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٧٢]؛ وأما تفصيل العشر التي في الأحزاب وأن محمّداً - صلى الله عليه وسلم - أوتيها على أكمل الأحوال وأتمّ الأفعال فقوله تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ... } الآية


(١) أخرج البخاري في صحيحه (٤/ ٢٠٧) , كتاب المناقب , ح ٣٦٤١ , بلفظ: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله , لا يضرهم من خذلهم , ولا من خالفهم , حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك»؛ وأخرج مسلم في صحيحه (٣/ ١٥٢٤) , كتاب الإمارة , باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم» , ح ١٠٣٧ , بلفظ: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله , لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم , حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس».
(٢) تفسير الثعلبي (٥/ ٩٨ - ٩٩).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٣/ ١٠٥) ح ١٢٠٤٥ , من طريق أنس - رضي الله عنه - , بلفظ: "لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر خرج فاستشار الناس , فأشار عليه أبو بكر , ثم استشارهم , فأشار عليه عمر , فسكت , فقال رجل من الأنصار: إنما يريدكم , فقالوا: يا رسول الله , والله لا نكون كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههانا قاعدون , ولكن والله لو ضربت أكبادها حتى تبلغ برك الغماد لكنا معك".
قال ابن كثير: "وهذا إسناد ثلاثي صحيح على شرط الصحيح". البداية والنهاية (٣/ ٣٢١).
(٤) عطف عطفاً وعطوفاً: مال وانحنى. المعجم الوسيط (٢/ ٦٠٨).
(٥) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٩٨) , كتاب الجهاد والسير , باب في غزو حنين , ح ١٧٧٥ , بلفظ: «هذا حين حمي الوطيس».

<<  <   >  >>