للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ (١)} [البقرة: من الآية ٧٤] , وأما من بين الأصابع فلا يعهده أحد لغير (٢) محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو أعظم وأعجب , وذلك ماروى عبدالرحمن بن أبي عمرة الأنصاري قال: حدثني أبي قال: "كُنّا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها فأصاب الناس مخمصة فدعا بركوة فوضعت بين يديه ثم دعا بماء فصبّ فيها , (ثم مجّ فيها) (٣) , وتكلم بما شاء الله أن يتكلم , ثم أدخل خنصره فيها , فَأُقسِمُ بالله لقد رأيت أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتفجَّر ينابيع الماء , ثم أمر الناس فسَقوا وشربوا وملأوا قِربهم وإداواتهم" (٤) , والأحاديث في هذا المعنى كثيرة مشهورة معلومة في كتب الصّحاح (٥) والسنن والسِّير وغير ذلك.

فإن قيل: إن موسى عليه الصلاة والسلام انفلق له البحر لما ضربه بعصاه فجازه هو وأصحابه لما تبعهم فرعون وجنوده , قيل: لمحمد - صلى الله عليه وسلم - أعجب من ذلك (٦) فإنه لم يحتج إلى عبور البحر بل بعض أصحابه قال: "والله لو أمرتنا أن نُخيضها البحر لأخضناها" (٧) , ولم يشترطوا انفلاق البحر وهم صادقون فيما قالوا وقد حقّق هذا الفعل بعض أصحابه في حياته وبعد موته وهو العلاء بن الحضرميّ - رضي الله عنه - لما كان بالبحرين واضطر إلى عبور [ق ١٧/ظ] البحر فعبر هو وأصحابه ولم يبتل لهم ثوب , وذلك ما

روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: "لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - العلاء بن الحضرميّ إلى البحرين تبعتُه


(١) في ب زيادة {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ} وهو زيادة على الشاهد غير مرادة.
(٢) في ب "ولغيره".
(٣) "ثم مجّ فيها" ليس في ب.
(٤) أخرجه مطولاً الطبراني في المعجم الأوسط (١/ ٢٦) ح ٦٣ , وفي المعجم الكبير (١/ ٢١١) ح ٥٧٩؛ وقال الهيثمي في إسناده: "ورجاله ثقات". مجمع الزوائد (١/ ٢٠) ح ٢٨.
(٥) منها: ما أخرجه البخاري (٤/ ١٩٣) , كتاب المناقب , باب علامات النبوة في الإسلام , ح ٣٥٧٦ , من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما , بلفظ: "عطش الناس يوم الحديبية والنبي - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة فتوضأ , فجهش الناس نحوه , فقال: «ما لكم؟ » , قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك , فوضع يده في الركوة , فجعل الماء يثور بين أصابعه , فشربنا وتوضأنا , قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا , كنا خمس عشرة مائة".
(٦) في ب زيادة "فإنه - صلى الله عليه وسلم - أعجب من ذلك" وهو تكرار لمعنى الجملة السابقة.
(٧) تقدم تخريجه , انظر: ص ٣٦٠.

<<  <   >  >>