للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حسبنا الله ونعم الوكيل , لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم , وتلاحق عظم الجند فركبوا اللجة وإنَّ دجلة لترمي بالزَّبد وإنّها لمسودّة وإن الناس ليتحدّثون في عومهم وقد اقترنوا كما يتحدّثون في مسيرهم على الأرض ففجئوا أهلَ فارس بأمرٍ لم يكن في حسابهم فَأجهَضُوهم وأعجلوهم عن جُمهور أموالهم (١) ودخلها المسلمون واستولوا على كل مابقي في بيوت كسرى من الثلاثة ألف ألف ألفٍ وما جمع شِيرِينُ ومَن بعده (٢) , وروى أبو بكر بن حفص بن عمر قال: "الذي كان يُساير سعداً في الماء سلمان الفارسي رضي الله عنهما فعامَتْ بهم الخيل وسعد يقول: حسبنا الله ونعم الوكيل , والله لينصرن الله وليَّه وليظهرنّ دينه , وليهزمنّ عدوَّه , وإن يكن في الجيش بغي وذنوب تغلبُ الحسناتُ , فقال سلمان: إن الإسلام جديد ذلَّل لهم والله البحارَ كما ذلّل لهم البَرّ , أمَا والذي نفس سلمان بيده ليَخرُجُنّ أفواجاً كما دخلوه أفواجاً , وطبَّقُوا (٣) الماء حتى ما يُرى الماءُ من الشاطئ , ولهم فيه أكثر حديثاً منهم في البَر , فخرجوا منه لم يفقدوا شيئاً ولم يغرق منهم أحد" (٤) , وعن حبيب ابن صُهْبَان (٥) قال: "شهدتُ القادسية -قال: - فانهزَمُوا حتى أتوا المدائن وتبعناهم -قال: - فانتهينا إلى دجلة وقد قطعوا الجسور وذهبوا بالسفن فانتهينا إليها وهي تَطْفَح فأقحم رجل (٦) منّا فرسَه وقرأ {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [ق ١٨/ظ] كِتَابًا مُؤَجَّلًا} [آل عمران: من الآية ١٤٥] قال: فعبر ثم تبعه النّاس أجمعون فعبروا فما

فقدوا عِقالاً ما عدا رجلاً منهم انقطع قَدحٌ له كان معلّقاً بسَرْجه فرأيته يدور في الماء , قال: فلما رأونا انهزموا من غير قتال فبلغ سهم


(١) في ب "أحوالهم".
(٢) أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٢/ ٥٧٤ - ٥٧٥) ح ٥٢٢.
(٣) الطَّبَق: كل غطاء لازم على الشيء. النهاية (٣/ ٢٥٠) , والمراد به هنا: أي غطت الخيول والرجال وجه الماء.
(٤) أخرجه أبو نعيم في الدلائل (٢/ ٥٧٦) ح ٥٢٢.
(٥) حبيب بن صهبان -بضم المهملة- أبو مالك الأسدي الكوفي , ثقة من الثانية , قتله المختار سنة ست وستين. انظر: تقريب التهذيب ص ١٥١ , تاريخ بغداد (٩/ ١٥٧) , الطبقات ص ١٤٣ , لخليفة بن خياط , تحقيق: د. أكرم ضياء العمري , الطبعة الثانية ١٤٠٢ , دار طيبة , الرياض.
(٦) وهو حجر بن عدي - رضي الله عنه -. انظر: تاريخ بغداد (٩/ ١٥٧) , تفسير ابن كثير (٢/ ١٢٩).

<<  <   >  >>