للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن يحمل على المعنى دون اللفظ، كأنه قيل: أرأيت كالذي حاج إبراهيم أو كالذي مرّ على قرية. والمارّ كان كافراً بالبعث، وهو الظاهر لانتظامه مع نمروذ في سلك؛ ولكلمة الاستبعاد التي هي: (أنى يحيى)، وقيل: هو عزيز، أو الخضر، أراد أن يعاين إحياء الموتى ليزداد بصيرة كما طلبه إبراهيم عليه السلام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في قولك: الاسم كزيد وعمرو، وعلى أنه إن جعل للتشبيه فعلى سبيل المثل والمشبه غير مذكور، وقيل: الكاف زائدة، وليس بشيء. وقلت: لعل مراد القائل أنه حينئذ على باب: مثلك يجود، أي: أنت تجود، أي: ألم تر إلى من هذه صفته لأنها عجيبة الشأن.

قوله: (والمار كان كافراً) لانتظامه مع نمروذ.

الانتصاف: استدلاله على أن المار كان كافراً لانتظامه مع نمروذ معارض بانتظامه مع إبراهيم. فإن قلت: انتظامه مع كافر أقوى، فإن قصة المار عطفت على قصة نمروذ وعطف لشريك في الفعل منطوقاً به في الأول محذوفاً في الثانية مدلولاً عليه بذكره أولاً، وقصة إبراهيم عليه السلام مصدرة بالواو التي لتحسين النظم، فتتوسط بين جمل متقاطعة للتحسين، بخلاف "أو" فإنها لا تستعمل إلا مشركة، عارضناه بما بين قصة المار وبين قصة إبراهيم من التناسب المعنوي، فإن كليهما طلبا معاينة الإحياء، واعتبار المعنى أولى، ويؤكد إيمان المار تحرزه في قوله: (يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) حذراً من الكذب، ولا يصدر حذر من معطل، فإن قال: إنما قال ذلك بعد أن آمن! قلنا: على القول بكفره ما آمن إلا بعد تبين الآيات لقوله تعالى: (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وعلى الحكاية التي أوردها الزمخشري من أن المار أماته الله ضحى، فلما رأى بقية من الشمس قال: "أو بعض يوم" إشكال، إذ كان يجب أن يقول: بل بعض يوم، مضرباً عما اعتقده أولاً بالجزم الذي حصل ثانياً، والظاهر أن المار كان جازماً أولاً ثم شك لا غير، واتباع ظاهر الآية أولى من اتباع حكاية لا تثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>