للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: ومثل نفقة هؤلاء في زكاتها عند اللَّه (كَمَثَلِ جَنَّةٍ)؛ وهي البستان، (بِرَبْوَةٍ): بمكانٍ مرتفع، وخصها؛ لأن الشجر فيها أزكى وأحسن ثمراً (أَصابَها وابِلٌ): مطر عظيم القطر (فَآتَتْ أُكُلَها) ثمرتها (ضِعْفَيْنِ) مثلي ما كانت تثمر؛

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والمعنى: ومثل نفقة هؤلاء) ذكر في هذا التشبيه طريقين وقد رفيهما مضافاً محذوفاً؛ لأن ذوات المنفقين لا يحسن أن يوقع فيها التشبيه لأنه لا مناسبة بينهما وبين الجنة، فيقدر في طريق الأول النفقة ليكون الأمر الذي يشترك فيه الطريقان الزكاء، وهو عقلي، وفي التشبيه الثاني الحال، ليكون الوجه منتزعاً من عدة أمور متوهمة، فيكون تشبيهاً تمثيلياً، ولابد في هذا الوجه من بيان تلك الأمور لئلا يشبه العقلي بالوهمي، ومن ثم قال: "أو مثل حالهم عند الله بالجنة … " إلخ، ويجوز أن يكون التشبيه على منوال قول امرئ القيس:

كأن قلوب الطير رطباً ويابساً … لدى وكرها العناب والحشف البالي

ومن هذين التشبيهين "كأن قلوب الطير" يعثر على الفرق بين التمثيلي والعقلي، قال صاحب "المفتاح": والذي نحن بصدده من الوصف غير الحقيقي أحوج منظور فيه إلى التأمل لالتباسه في كثير من المواضع بالعقلي الحقيقي لاسيما المعاني التي ينتزع منها، فذكر المصنف المعاني ليتميز التمثيلي من العقلي، فالعقلي هو: أخذ الزبدة والخلاصة من المجموع، والتمثيلي: انتزاع الحالة المتوهمة من الأمور المتعددة.

قوله: ((ضِعْفَيْنِ) مثلي ما كانت تثمر)، أي: تثمره، "وبسبب" متعلق بقوله: (فَأَتَتْ)؛ لأنه مسبب عن قوله تعالى: (أَصَابَهَا وَابِلٌ).

<<  <  ج: ص:  >  >>