للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل يقال: وددت أن يكون كذا ووددت لو كان كذا، فحمل العطف على المعنى، كأنه قيل: أيودّ أحدكم لو كانت له جنة وأصابه الكبر.

[(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)].

(مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ): من جياد مكسوباتكم، (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ) من الحب والثمر والمعادن وغيرها. فإن قلت: فهلا قيل: وما أخرجنا لكم؛ عطفاً على (ما كَسَبْتُمْ) حتى يشتمل الطيب على المكسوب والمخرج من الأرض؟ قلت: معناه: ومن طيبات ما أخرجنا لكم، إلا أنه حذف؛ لذكر الطيبات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست للعطف، بل للحال، وصاحبها: (أَحَدَكُمْ)، وقد: مقدرة، ويجوز أن تكون عاطفة على (أَنْ تَكُونَ) على تأويل الماضي؛ لأن التمني هو: طلب حصول ما لا يمكن حصوله، والماضي والمضارع سيان في ذلك، فكأنه قيل: لو كانت له جنة وأصابه الكبر، ونحوه في التقدير: قوله تعالى: (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) [المنافقون: ١٠]، كأنه قيل: "تصدقت وكنت".

قوله: (من جياد مكسوباتكم)، الراغب: الطيب يقال تارة باعتبار الحاسة، وباعتبار العقل أيضاً، والخبيث نقيضه، والأظهر أن المعني به ها هنا المعقول الذي ها هنا هو الحلال، والحقيقة: الطيب من الكسب: ما ليس فيه ارتكاب محظور واكتساب محجور، وتخصيص المكسوب لأن الإنسان بما يكسبه أضن به مما يرثه، وتخصيص (لَكُمُ) تنبيه أن المقصود بإيجاد هذه الأشياء نفع الإنسان ليبلغه إلى سعادة الدارين، ويجوز أن يتضمن مع ذلك: أن الذي تجب فيه الزكاة هو ما قصد به قوام الإنسان.

قوله: (فهلا قيل: وما أخرجنا لكم؟ ) يعني: لو لم يترك لفظة "من" في (وَمِمَّا أَخْرَجْنَا) ليكون عطفاً على ما كسبتم فيدخل المخرج من الأرض في حكم الطيبات؛ لأن المطلوب من

<<  <  ج: ص:  >  >>