للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: كيف قال: (جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) ثم قال: (لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ)؟ قلت: النخيل والأعناب لما كانا أكرم الشجر وأكثرها منافع خصهما بالذكر، وجعل الجنة منهما وإن كانت محتوية على سائر الأشجار؛ تغليباً لهما على غيرهما، ثم أردفهما ذكر كل الثمرات، ويجوز أن يريد بالثمرات المنافع التي كانت تحصل له فيها، كقوله: (وَكانَ لَهُ ثَمَرٌ) [الكهف: ٣٤] بعد قوله: (جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ) [الكهف: ٣٢]. فإن قلت: علام عطف قوله: (وَأَصابَهُ الْكِبَرُ)؟ قلت: الواو للحال لا للعطف، ومعناه: أن تكون له جنة وقد أصابه الكبر ......

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (فإن قلت: كيف قال: (جَنَّةٌ)؟ )، وجه السؤال أن النخيل والأعناب نوعنا من أنواع الأشجار المثمرة وداخلان تحت قوله: (لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ) فما وجه اختصاصهما بالذكر ثم إتباعهما بقوله: (مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ)؟ أجاب عنه بجوابين، أحدهما: أنه من باب التتميم على منوال الرحمن الرحيم، ذكر أولاً: ما هما أفضلا الجنس وأكملاه نفعاً، وأراد بهما جميع الجنس بالتغليب، ثم أردفهما بما يشتمل على الجنس ليكون كالتتمة والرديف لهما، ألا ترى كيف قال في (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ): لما قال: الرحمن تناول جلائل النعم وعظائمها، أردفه بالرحيم ليتناول ما دق منها، وقال ها هنا: "ثم أردفهما" ذكر كل الثمرات صيانة للكلام عن توهم غير الشمول. وثانيهما: أنه من باب التكميل، فيكون ذكرهما من إطلاق أعظم الشيء على الشيء كله، فعلم من هذا: أن له جنة كثيرة الأشجار والأثمار ولم يعلم أن له فيها منافع أخر غيرهما فقيل له: (فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ) ليعلم أن له غيرهما، يدل عليه تنظيره بقوله: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ) [الكهف: ٣٤]، وفسره بقوله: "أي: كانت له إلى الجنتين الموصوفتين الأموال الدثرة من الذهب والفضة وغيرهما" والله أعلم.

قوله: (علام عطف قوله: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ)؟ ) يعني: أن الواو تستدعي معطوفاً عليه (أَنْ تَكُونَ) لا يصح أن يعطف عليه لكونه مضارعاً، وهذا ماض، وأجاب: أن الواو

<<  <  ج: ص:  >  >>