وقرأ الزهريّ:(تغمضوا)، وأغمض وغمض بمعنى، وعنه:(تغمضوا) بضم الميم وكسرها من غمض يغمض ويغمض. وقرأ قتادة:(تغمضوا) على البناء للمفعول بمعنى: إلا أن تدخلوا فيه وتجذبوا إليه. وقيل: إلا أن توجدوا مغمضين. وعن الحسن: لو وجدتموه في السوق يباع ما أخذتموه حتى يهضم لكم من ثمنه. وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشراره؛ فنهوا عنه.
أي: يعدكم في الإنفاق الْفَقْرَ ويقول لكم إنّ عاقبة إنفاقكم أن تفتقروا. وقرئ:(الفقر) بالضم، و (الفقر) بفتحتين. والوعد يستعمل في الخير والشر. قال اللَّه تعالى:(النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا)[الحج: ٧٢]. (وَيَأمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ)
نقصه، يقول: لم يفتنا قوم عند طلب الثأر، بل ندركهم وننتقم منهم، والحال أن بعض الرجال يرضون بالإغماض عن بعض حقهم لضعفهم.
قوله:(يعدكم في الإنفاق الفقر)، الراغب: المشهور عند العامة أن الفقر: الحاجة، وأصله: كسر الفقار، من قولهم: فقرته، نحو كبدته، وبهذا النظر سمي الحاجة والداهية فاقرة، والفقر أربعة: فقد الحسنات في الآخرة، وفقد القناعة في الدنيا، وفقد المقتنى، وفقدها جميعاً، والغنى بحسبه، فمن فقد القناعة والمقتنى فهو الفقير المطلق على سبيل الذم، ومن فقد القناعة دون القنية فهو الغني بالمجاز الفقير في الحقيقة، ومن فقد القنية دون القناعة فإنه يقال له: فقير وغني وقد ورد: "ليس الغنى بكثرة العرض، وإنما الغنى غنى القلب"، فقوله:(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ) قيل: فقر الآخرة، وهو أن يخيل إليه أن لا جزاء ولا نشور فلا ينفق.
قوله:(الوعد يستعمل في الخير والشر)، قال الفراء: يقال: وعدته خيراً، ووعدته شراً،