ويغريكم على البخل ومنع الصدقات إغراء الآمر للمأمور. والفاحش عند العرب: البخيل. (وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ) في الإنفاق (مَغْفِرَةً) لذنوبكم، وكفارة لها، (وَفَضْلًا): وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم، أو: وثواباً عليه في الآخرة.
فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير: الوعد، وفي الشر: الإيعاد والوعيد، فإن أدخلوا الباء في الشر جاؤوا بالألف.
قوله:((وَفَضْلاً): وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم). واعلم أن الآية فيها متقابلان: أحدهما جلي والآخر خفي، والجلي قوله:(الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمْ الْفَقْرَ وَيَامُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً)، ومن ثم فسر الأول بقوله:"يعدكم في الإنفاق الفقر"، والثاني بقوله:"وأن يخلف عليكم أفضل مما أنفقتم"، وأما الخفي فقوله:(وَيَامُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ)، وقوله:(وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً)، وكما أن الأمر بالفحشاء إغراء برذيلة البخل، كذلك الوعد بالمغفرة حث على التمحيص عن الرذائل، ولهذا فسر الأول بقوله:"ويغريكم على البخل"، والثاني بقوله:"مغفرة لذنوبكم"، والذنب في هذا المقام هو: البخل، كما أن الفحشاء كذلك؛ لأن الكلام في الحث على الإنفاق والردع عن الإمساك، وأي رذيلة في المرء أردى من البخل! وإليه أومى صلوات الله عليه بقوله:"السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس، بعيد من النار، والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة، بعيد من الناس قريب من النار" أخرجه الترمذي عن أبي هريرة، ويؤيده تذييل الكلام بقوله:(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).