للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)].

(بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) يعمون الأوقات والأحوال بالصدقة؛ لحرصهم على الخير، فكلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروه، ولم يتعللوا بوقتٍ ولا حال. وقيل: نزلت في أبي بكر الصدّيق رضى اللَّه عنه حين تصدّق بأربعين ألف دينارٍ: عشرةً بالليل، وعشرةً بالنهار، وعشرةً في السرّ، وعشرة في العلانية. وعن ابن عباس رضى اللَّه عنهما: نزلت في علىّ رضى اللَّه عنه لم يملك إلا أربعة دراهم، فتصدّق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سراً، وبدرهم علانية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السدو: مد اليد نحو الشيء، والمراد: تذرع الناقة بيديها واتساع خطوها، وأج الظليم يأج أجاً: عدا، قال الإمام: القول الأول وهو: أن يسألوا بتلطف ولم يلحوا ضعيف؛ لأن الله تعالى وصفهم بالتعفف عن السؤال بقوله: (يَحْسَبُهُمْ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنْ التَّعَفُّفِ)، ثم قال: (تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ)، وذلك ينافي صدور السؤال عنهم. يريد أنه من باب التقسيم الحاصر؛ لأن الناس من بين عارف بأحوالهم وجاهل بها، فإذا انتفى شعورهما انتفى السؤال بالكلية.

وقلت: هذا مقام يفتقر إلى فضل بسط ومزيد بيان. واعلم أن الشيء الذي يراد نفيه: إما أن ينفى مطلقاً أو مع التأكيد، بأن ينفى مع وصفه، كما تقول: ما عندي كتاب يباع، فهو محتمل نفي البيع وحده وأن عنده كتاباً إلا أنه لا يبيعه، أو نفيهما جميعاً وأن لا كتاب عنده ولا كونه مبيعاً، ذكره في حم المؤمن، وما نحن بصدده من القبيل الثاني، لوجود عدم السؤال من القرينة السابقة؛ لأنها دافعة لدليل الخطاب، كما أن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَاكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً) [آل عمران: ١٣٠] دافع دليل خطابه خصوص السبب، إذ

<<  <  ج: ص:  >  >>