للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلا يَأبَ كاتِبٌ) ولا يمتنع أحد من الكتاب، وهو معنى تنكير (كاتب)، (أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ): مثل ما علمه اللَّه كتابة الوثائق لا يبدل ولا يغير. وقيل هو قوله تعالى (وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [القصص: ٧٧]، أي: ينفع الناس بكتابته كما نفعه اللَّه بتعليمها. وعن الشعبي: هي فرض كفاية. و (كما علمه اللَّه) يجوز أن يتعلق بـ (أن يكتب)، وبقوله: (فليكتب) فإن قلت: أي: فرق بين الوجهين؟ قلت: إن علقته بـ (أن يكتب)؛ فقد نهى عن الامتناع من الكتابة المقيدة، ثم قيل له: (فَلْيَكْتُبْ)، يعنى فليكتب تلك الكتابة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص وتقييد الكاتب بالعدل على إدماج معنى الفقاهة؛ لأن مراعاة العدل والسوية من الأمور الخطيرة فلا يتمكن منها إلا الفقيه الكامل العالم بكتابة الشروط والصكوك.

قوله: (وقيل: هو كقوله تعالى: (وَأَحْسَنُ)): عطف على قوله: "مثل ما علمه الله كتابة الوثائق"، ويجوز على هذا التفسير أن يحمل الكاتب الثاني على الأول، على أن كرر "كاتب" ليناط به من زيادة لم تنط به أولاً، وهو معنى الاستحماد على ما أولى من نعمة التعليم، وهو المراد من قوله: (وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ)، وفيه إشعار بتعظيم أمر الكتابة، وعلى الأول يحمل على غيره، وهو الأصل لأن النكرة إذا أعيدت كانت الثانية غير الأولى فيحمل الكاتب الثاني على الجنس؛ لأن الأول نوع منه مقيد بصفة العدالة، وإلى الجنس إلإشارة بقوله: (ولا يمتنع أحد من الكتاب).

قوله: (هي فرض كفاية). قال الزجاج: هذا أدب من الله تعالى وليس بأمر حتم كما قال: (وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) [المائدة: ٢]. وقال القاضي: (فَاكْتُبُوهُ) ظاهر في الوجوب؛ لأنه أوثق وأدفع للنزاع، والجمهور على أنه استحباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>