للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يعدل عنها؛ للتوكيد. وإن علقته بقوله (فليكتب)؛ فقد نُهي عن الامتناع من الكتابة على سبيل الإطلاق، ثم أمر بها مقيدة. (وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ): ولا يكن المملي إلا من وجب عليه الحق، لأنه هو المشهود على ثباته في ذمته وإقراره به.

والإملاء والإملال: لغتان قد نطق بهما القرآن: (فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ) [الفرقان: ٥]. (وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ): من الحق (شَيْئاً). والبخس: النقص

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (للتوكيد) يتعلق بقوله: "ثم قيل له: (فَلْيَكْتُبْ) " يعني: نهى أولاً عن الإباء عن الكتابة المتصفة، ثم أمر بالكتابة المطلقة بقوله: (فَلْيَكْتُبْ)، فيحمل على المقيد تأكيداً.

قوله: (ثم أمر بها مقيدة). قيل: إنما لم يقل في هذا الوجه: للتوكيد؛ لأن النهي عن امتناع مطلق الكتابة لا يدل على الأمر بالكتابة المخصوصة، فخصص بالكتابة الشرعية حيث لم يدل عليه النهي فلا يكون للتأكيد، ويمكن أن يقال: إن التأكيد إنما يحصل من التكرير، فإذا نهى عن امتناع مطلق الكتابة دخل في النهي امتناع الكتابة الشرعية ضمناً، ثم أمر بها صريحاً، كان أقوى مما أمر أولاً مقيداً؛ لأن الشيء بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب.

قوله: (وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ): ولا يكن المملي إلا من وجب عليه الحق). الحصر مستفاد من تعليق الحكم بأحد وصفي الذات لأنه عدول عن المديون إلى الذي عليه الحق؛ لأن المديون هو الأصل لقوله تعالى: (إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ)، وليست الفائدة إلا ما ذكره، ونحوه: "مطل الغني ظلم"، ولأن ترتب الحكم على الوصف المناسب مشعر بالعلية، والأصل نفي علة أخرى، ومن ثم علل الحصر بقوله: "لأنه هو المشهور على ثباته في ذمته"، ومعنى الاختصاص الذي يعطيه ضمير الفصل في هذه العلة نحو معنى تقديم الخبر على المبتدأ في تلك العلة، وهو (عَلَيْهِ الْحَقُّ)، والحاصل: أن العدول من المديون إلى الذي عليه الحق للحصر، وتقديم الخبر علة الحصر، هذا على أصولنا ظاهر، والمصنف كثيراً يميل إلى العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>